للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُّلْطَان الْملك الْكَامِل رَحمَه الله وانقشعت الْمَسْأَلَة للسُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف وَصرح بخجله وحيائه من الشَّيْخ وَقَالَ لقد غلطنا فِي حق ابْن عبد السَّلَام غلطة عَظِيمَة وَصَارَ يترضاه وَيعْمل بفتاويه وَمَا أفتاه وَيطْلب أَن يقْرَأ عَلَيْهِ تصانيفه الصغار مثل الملحة فِي اعْتِقَاد أهل الْحق الَّتِي ذكر بَعْضهَا فِي الْفتيا وقرئت عَلَيْهِ مَقَاصِد الصَّلَاة فِي يَوْم ثَلَاث مَرَّات تقْرَأ عَلَيْهِ وَكلما دخل عَلَيْهِ أحد من خواصه يَقُول للقارئ اقْرَأ مَقَاصِد الصَّلَاة لِابْنِ عبد السَّلَام حتي يسْمعهَا فلَان يَنْفَعهُ الله بسماعها حَتَّى قَالَ وَالِدي رَحمَه الله لَو قُرِئت مَقَاصِد الصَّلَاة على بعض مَشَايِخ الزوايا أَو على متزهد أَو مُرِيد أَو متصوف مرّة وَاحِدَة فِي مجْلِس لما أَعَادَهَا فِيهِ مرّة أُخْرَى

وَلَقَد دخل على السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف الشَّيْخ شمس الدّين سبط ابْن الْجَوْزِيّ وَكَانَ واعظ الزَّمَان وَكَانَ لَهُ قبُول عَظِيم وشاهدت مِنْهُ عجبا كَانَ يطلع على الْمِنْبَر فِي بعض الْأَيَّام ويحدق النَّاس إِلَيْهِ وينتحب ويبكي ويبكى النَّاس مَعَه وَيقْتلُونَ أنفسهم وَيذْهب هائما على وَجهه وَيذْهب النَّاس من مَجْلِسه وهم سكارى حيارى وَكَانَ يجلس الثَّلَاثَة الْأَشْهر رَجَب وَشَعْبَان ورمضان فِي كل سبت وَالنَّاس يتأهبون لحضور مَجْلِسه قبل السبت بِثَلَاثَة أَيَّام فَلَمَّا دخل على السُّلْطَان نَاوَلَهُ مَقَاصِد الصَّلَاة وَقَالَ اقرأها فقرأها بَين يَدَيْهِ واستحسنها وَقَالَ لم يصنف أحد مثلهَا فَقَالَ لَهُ طرز مجلسك الْآتِي بذكرها وحرض النَّاس عَلَيْهَا فَلَمَّا جَاءَ الميعاد صعد الْمِنْبَر وَحمد الله وَأثْنى عَلَيْهِ وَصلى على نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ اعلموا أَن أفضل الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة الصَّلَاة وَهِي صلَة بَين العَبْد وربه فَعَلَيْكُم بمقاصد الصَّلَاة تصنيف ابْن عبد السَّلَام فاسمعوها وعوها واحفظوها وعلموها أَوْلَادكُم وَمن يعز عَلَيْكُم وَكَانَ لَهَا وَقع عَظِيم فِي ذَلِك الْمجْلس وَكتب مِنْهَا من النّسخ مَا لَا يُحْصى عدده

<<  <  ج: ص:  >  >>