للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلم يزل وَالِدي مُعظما عِنْد السُّلْطَان إِلَى أَن مرض مرضة الْمَوْت قَالَ لأكبر أَصْحَابه اذْهَبْ إِلَى ابْن عبد السَّلَام وَقل لَهُ محبك مُوسَى ابْن الْملك الْعَادِل أبي بكر يسلم عَلَيْك ويسألك أَن تعوده وَتَدْعُو لَهُ وتوصيه بِمَا ينْتَفع بِهِ غَدا عِنْد الله فَلَمَّا وصل الرَّسُول إِلَيْهِ بِهَذِهِ الرسَالَة قَالَ نعم إِن هَذِه العيادة لمن أفضل الْعِبَادَات لما فِيهَا من النَّفْع الْمُتَعَدِّي إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَتوجه إِلَيْهِ وَسلم عَلَيْهِ فسر بِرُؤْيَتِهِ سُرُورًا عَظِيما وَقبل يَده وَقَالَ يَا عز الدّين اجْعَلنِي فِي حل وادع الله لي وأوصني وانصحني فَقَالَ لَهُ أما محاللتك فَإِنِّي كل لَيْلَة أحالل الْخلق وأبيت وَلَيْسَ لي عِنْد أحد مظْلمَة وَأرى أَن يكون أجري على الله وَلَا يكون على النَّاس عملا بقوله تَعَالَى {فَمن عَفا وَأصْلح فَأَجره على الله} وَأَن يكون أجري على الله وَلَا يكون على خلقه أحب إِلَيّ وَأما دعائي للسُّلْطَان فَإِنِّي أَدْعُو لَهُ فِي كثير من الأحيان لما فِي صَلَاحه من صَلَاح الْمُسلمين وَالْإِسْلَام وَالله تَعَالَى يبصر السُّلْطَان فِيمَا يبيض بِهِ وَجهه عِنْده يَوْم يلقاه وَأما وصيتي ونصيحتي للسُّلْطَان فقد وَجَبت وتعينت لقبوله وتقاضيه وَكَانَ قبيل مَرضه قد وَقع بَينه وَبَين أَخِيه السُّلْطَان الْملك الْكَامِل وَاقع ووحشة وَأمر وَهُوَ فِي ذَلِك الْمَرَض بِنصب دهليزه إِلَى صوب مصر وَضرب منزلَة تسمى الْكسْوَة وَكَانَ فِي ذَلِك الزَّمَان قد ظهر التتر بالشرق فَقَالَ الشَّيْخ للسُّلْطَان الْملك الْكَامِل أَخُوك الْكَبِير ورحمك وَأَنت مَشْهُور بالفتوحات والنصر على الْأَعْدَاء والتتر قد خَاضُوا بِلَاد الْمُسلمين تتْرك ضرب دهليزك إِلَى أَعدَاء الله وأعداء الْمُسلمين وتضربه إِلَى جِهَة أَخِيك فينقل السُّلْطَان دهليزه إِلَى جِهَة التتار وَلَا تقطع رَحِمك فِي هَذِه الْحَالة وتنوي مَعَ الله نصر دينه وإعزاز كَلمته فَإِن من الله بعافية السُّلْطَان رجونا من الله إدالته على الْكفَّار وَكَانَت فِي مِيزَانه هَذِه الْحَسَنَة الْعَظِيمَة فَإِن قضى الله تَعَالَى بانتقاله إِلَيْهِ كَانَ السُّلْطَان فِي خفارة نِيَّته

<<  <  ج: ص:  >  >>