قَالَ فَاسْتحْسن الْوَزير ذَلِك وَكتبه ثمَّ عمل أبياتا وأنشدنيها وَهِي
(وَلَقَد بلوت الدَّهْر أعجم صرفه ... فأطاع لي أَصْحَابه وَلسَانه)
(وَوجدت عقل الْمَرْء قيمَة نَفسه ... وبجده جدواه أَو حرمانه)
(وعَلى الْفَتى أَن لَا يكفكف شأوه ... عِنْد الْحفاظ وَلَا يغض عيانه)
(فَإِذا جفاه الْمجد عيبت نَفسه ... وَإِذا جفاه الْجد عيب زَمَانه)
قلت وَهَذِه أَبْيَات حَسَنَة بَالِغَة فِي بَابهَا وَقد حاول الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الْبَاقِي الْيَمَانِيّ اختصارها فَقَالَ
(تجنب أَن تذم بك اللَّيَالِي ... وحاول أَن يذم لَك الزَّمَان)
(وَلَا تحفل إِذا كملت ذاتا ... أصبت الْعِزّ أم حصل الهوان)
فأغفل مَا تضمنته أَبْيَات الْوَزير الثَّلَاث من الْمعَانِي وَاقْتصر على مَا تضمنه الْبَيْت الرَّابِع ثمَّ انْقَلب عَلَيْهِ الْمَعْنى وَأتي من سوء التَّعْبِير فَإِن الْمَقْصُود أَن الْمَرْء يكمل نَفسه وَلَا عَلَيْهِ من الزَّمَان وَأما أَنه يسْعَى فِي أَن يذم لَهُ الزَّمَان فَلَيْسَ بمقصود وَلَا هُوَ مُرَاد أَشْيَاخ الْكَرْخِي وَلَا يحمده عَاقل وَكَانَ الصَّوَاب حَيْثُ اقْتصر على معنى الْبَيْت الرَّابِع أَن يَأْتِي بِعِبَارَة مُطَابقَة كَمَا قُلْنَاهُ نَحن
(عَلَيْك كَمَال ذاتك فاسع فِيهَا ... وَلَيْسَ عَلَيْك عز أَو هوان)
(وَلَيْسَ إِلَيْك أَيْضا فاسع فِيمَا ... إِلَيْك وَأَنت مشكور معَان)
(فذم الدَّهْر للْإنْسَان خير ... من الْإِنْسَان ذمّ بِهِ الزَّمَان)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute