حَدثنَا يزِيد بن هَارُون أخبرنَا عَاصِم قَالَ سَأَلت أنسا أحرم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْمَدِينَة فَقَالَ نعم هِيَ حرَام حرمهَا الله وَرَسُوله لَا يخْتَلى خَلاهَا فَمن لم يعْمل بذلك فَعَلَيهِ لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ
سَمِعت الشَّيْخ عليا الهجار المكشوف الرَّأْس وَهُوَ رجل صَالح يَقُول مر أَبُو الْعَبَّاس المرسي رَضِي الله عَنهُ فِي الْقَاهِرَة بأناس يزدحمون على دكان الخباز فِي سنة الغلاء فرق عَلَيْهِم فَوَقع فِي نَفسه لَو كَانَ معي دَرَاهِم لآثرت هَؤُلَاءِ بهَا فأحس بثقل فِي جبته فَأدْخل يَدَيْهِ فواجد دَرَاهِم جملَة فَدَفعهَا إِلَى الخباز وَأخذ بهَا خبْزًا فرقه عَلَيْهِم فَلَمَّا انْصَرف وجد الخباز الدَّرَاهِم زُيُوفًا فاستغاث بِهِ فَعَاد وَوَقع فِي نَفسه أَن مَا وَقع فِي نَفسِي أَولا من الرقة اعْتِرَاض على الله وَأَنا أسْتَغْفر الله مِنْهُ فَلَمَّا عَاد وجد الخباز الدَّرَاهِم جَيِّدَة فَانْصَرف أَبُو الْعَبَّاس وَجَاء إِلَى الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وَحكى لَهُ الْحِكَايَة فَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد لَهُ يَا أستاذ أَنْتُم إِذا رقيتم على أحد تزندقتم وَنحن إِذا لم نرق على النَّاس تزندقنا
قلت تَأمل أَيهَا المسترشد مَا تَحت هَذَا الْجَواب من الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ فقد أَشَارَ الشَّيْخ بِهِ وَالله أعلم إِلَى أَن الْفَقِير يطلع على الْأَسْرَار فَكيف يرق وَلَا يَقع شَيْء فِي الْوُجُود إِلَّا لحكمة اقتضته وَمن اطلع على الذَّنب لم يرق للعقوبة وَقد قَالَ تَعَالَى {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} والفقيه لَا اطلَاع لَهُ على ذَلِك فيرق ديانَة ورأفة وَلِهَذَا الْكَلَام شرح طَوِيل لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه فلنمسك الْعَنَان