للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقولك كم عرض على ذِي طبع سليم وَذي ذهن مُسْتَقِيم فَلم يفهم مَعْنَاهُ وَلم يعلم مؤداه

نقُول هَذَا كَلَام متهافت إِذْ لَو كَانُوا ذَا طبع سليم وذهن مُسْتَقِيم لفهموا مَعْنَاهُ وتفطنوا لموجبه ومتقضاه فَإِن ذَا الطَّبْع السَّلِيم من يدْرك اللمحة وَإِن لطف شَأْنهَا ويتنبه على الرمزة وَإِن خَفِي مَكَانهَا وَيكون مسترسل الطبيعة منقادها مشتعل القريحة وقادها وَلَكنهُمْ كَانُوا مثلك كزا جاسيا وغليظا جَافيا غير دارين بأساليب النّظم والنثر غير عَالمين كَيفَ يرتب الْكَلَام ويؤلف وَكَيف ينظم ويرصف {أم تحسب أَن أَكْثَرهم يسمعُونَ أَو يعْقلُونَ إِن هم إِلَّا كالأنعام بل هم أضلّ سَبِيلا} أما سَمِعت قَول بعض الْفُضَلَاء

(عَليّ فحص الْمعَانِي من مكامنها ... وَمَا عَليّ إِذا لم تفهم الْبَقر)

أَو نقُول فَرضنَا أَنهم كَمَا زعمت ذَا فهم سليم وطبع مُسْتَقِيم لكِنهمْ مَا اشتغلوا بالعلوم حق الِاشْتِغَال فَأَيْنَ هم من فهم هَذَا الْمقَال أما سمعُوا قَول من قَالَ

(لَو كَانَ هَذَا الْعلم يدْرك بالمنى ... مَا كَانَ يبْقى فِي الْبَريَّة جَاهِل)

وَقَول آخر

(لَا تحسب الْمجد تَمرا أَنْت آكله ... لن تبلغ الْمجد حَتَّى تلعق الصبرا)

وَمَعَ أَن أَمْثَال هَذِه الغوامض كَمَا نبه عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ لَا يكْشف عَنْهَا من الْخَاصَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>