إِلَّا أوحدهم وأخصهم وَإِلَّا واسطتهم وفصهم وعامتهم عماة عَن إِدْرَاك حقائقها بأحداقهم عناة فِي يَد التَّقْلِيد لَا يمن عَلَيْهِم بجز نواصيهم وإطلاقهم هَذَا مَعَ أَن مقامات الْكَلَام مُتَفَاوِتَة فَإِن مقَام الإيجاز يباين مقَام الإطناب والمساواة وخطاب الذكي يباين خطاب الغبي فَكَمَا يجب على البليغ فِي موارد التَّفْصِيل والإشباع أَن يفصل ويشبع فَكَذَلِك الْوَاجِب عَلَيْهِ فِي خطاب الْإِجْمَال والإيجاز أَن يجمل ويوجز
أنْشد الجاحظ
(يرْمونَ بالخطب الطوَال وَتارَة ... وَحي الملاحظ خيف الرقباء)
وأئمة صناعَة البلاغة يرَوْنَ سلوك هَذَا الأسلوب فِي أَمْثَال هَذِه المقامات من كَمَال البلاغة وإصابة المحز
فَنَقُول إِنَّمَا أوجز الْكَلَام وأوهم المرام اختبارا لتنبيهك أَو مِقْدَار تنبهك أَو نقُول عدل عَن التَّصْرِيح احْتِرَازًا عَن نِسْبَة الْخَطَأ إِلَيْك صَرِيحًا والعدول عَن التَّصْرِيح بَاب من البلاغة يُصَار إِلَيْهِ كثيرا وَإِن أورث تَطْوِيلًا
وَمن الشواهد لما نَحن فِيهِ شَهَادَة غير مَرْدُودَة رِوَايَة صَاحب الْمِفْتَاح عَن القَاضِي شُرَيْح أَن رجلا أقرّ عِنْده بِشَيْء ثمَّ رَجَعَ يُنكر فَقَالَ لَهُ شُرَيْح شهد عَلَيْك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute