وَالرَّوْضَة وَإِنَّمَا أعجب من نَقله عَن سليم فِي الْمُجَرّد وَابْن الصّباغ فِي الشَّامِل مَا نقل وَلم يكن عِنْده غير الْمِنْهَاج ودواة وورق أَبيض وَكُنَّا قد وجدنَا فِيهَا نقولا عَنْهُمَا
قلت أَنا من نظر شرح الْمِنْهَاج بِخَطِّهِ عرف أَنه كَانَ يكْتب من حفظه أَلا ترَاهُ يعْمل المسطرة وَالْوَرق على قطع الْكَبِير أحد عشر سطرا وَمَا ذَلِك إِلَّا لِأَنَّهُ يكْتب من رَأس الْقَلَم وَيُرِيد أَن ينظر مَا يلْحقهُ فَلذَلِك يعْمل المسطرة متسعة وَيتْرك بَيَاضًا كثيرا
قلت وَكنت أرَاهُ يكْتب متن الْمِنْهَاج ثمَّ يفكر ثمَّ يكْتب وَرُبمَا كتب الْمَتْن ثمَّ نظر الْكتب ثمَّ وَضعهَا من يَده وَانْصَرف إِلَى مَكَان آخر وَجلسَ ففكر سَاعَة ثمَّ كتب
وَكثير من مصنفاته اللطاف كتبهَا فِي دروج ورق المراسلات يَأْخُذ الأوصال ويثنيها طولا وَيجْعَل مِنْهَا كراسا وَيكْتب فِيهِ لِأَنَّهُ رُبمَا لم يكن عِنْده ورق كراريس فَيكْتب فِيهَا من رَأس الْقَلَم وَمَا ذَلِك إِلَّا فِي مَكَان لَيْسَ عِنْده فِيهِ لَا كتب وَلَا ورق النّسخ
وَأما الْبَحْث وَالتَّحْقِيق وَحسن المناظرة فقد كَانَ أستاذ زَمَانه وَفَارِس ميدانه وَلَا يخْتَلف اثْنَان فِي أَنه الْبَحْر الَّذِي لَا يساجل فِي ذَلِك كل ذَلِك وَهُوَ فِي عشر الثَّمَانِينَ وذهنه فِي غَايَة الاتقاد واستحضاره فِي غَايَة الازدياد
وَلما شغرت مشيخة دَار الحَدِيث الأشرفية بوفاة الْحَافِظ الْمزي عين هُوَ الذَّهَبِيّ لَهَا فَوَقع السَّعْي فِيهَا للشَّيْخ شمس الدّين ابْن النَّقِيب وَتكلم فِي حق الذَّهَبِيّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بأشعري وَأَن الْمزي مَا وَليهَا إِذْ وَليهَا إِلَّا بعد أَن كتب خطه وَأشْهد على نَفسه بِأَنَّهُ أشعري العقيدة واتسع الْخرق فِي هَذَا فَجمع ملك الْأُمَرَاء الْأَمِير عَلَاء الدّين