للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٩٦٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ:

خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ، يَا عَامِرُ أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا حداء، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا … وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اتقينا … وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا … إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا

وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (مَنْ هَذَا السَّائِقُ). قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ، قَالَ: (يَرْحَمُهُ

⦗١٥٣٨⦘

اللَّهُ). قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ : (مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ). قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: (عَلَى أَيِّ لَحْمٍ). قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ : (أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا). قال رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: (أَوْ ذَاكَ). فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي قَالَ: (مَا لَكَ). قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ؟ قَالَ النَّبِيُّ : (كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لَأَجْرَيْنِ - وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ). حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ، قَالَ: (نَشَأَ بِهَا).

[ر: ٢٣٤٥]


(هنيهاتك) جمع هنيهة، مصغر هنة، وفي نسخة: هنياتك. جمع هنية، وهي كناية عن كل شيء لا تذكره باسمه ولا تخص به شيئا من غيره، وقيل معناها الأراجيز، جمع أرجوزة، وهي القصيدة من بحر الرجز. (يحدو) من الحدو، وهو الغناء للإبل عند سوقها. (فاغفر .. ما اتقينا) ما تركناه من الأوامر. في نسخة (ما أبقينا) أي خلفنا وراءنا مما اكتسبنا من الآثام، وما أبقيناه وراءنا من الذنوب فلم نتب منه. (صيح بنا) دعينا إلى غير الحق. (أبينا) امتنعنا من دعوة غير الحق، وفي نسخة: (أتينا) أي إذا دعينا إلى القتال أو الحق جئنا إليه. (عولوا) قصدوا واستغاثوا. (وجبت) ثبتت له الشهادة التي يعقبها دخول الجنة ببركة دعائك. (امتعتنا به) هلا أبقيته لنا لنتمتع بشجاعته. (مخمصة) مجاعة. (تصاف القوم) تقابلوا صفوفا للقتال. (ذباب سيفه) حده. (حبط علمه) أي بطل عمل عامر، لأنه قتل نفسه بسيفه. (لجاهد) يجهد نفسه بالطاعة. (مجاهد) في سبيل الله تعالى. (بها) بهذه الخصلة الحميدة، وهي الجهاد مع الجهد. (نشأ) شب وكبر.