للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٠٠ - باب: تفسير سُورَةُ الْمُؤْمِنِ (غافر).

قال مجاهد: ﴿حم﴾ /١/: مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ اسْمٌ، لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى الْعَبْسِيِّ:

⦗١٨١٤⦘

يُذَكِّرُنِي حاميم وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ … فَهَلَّا تَلَا حاميم قَبْلَ التَّقَدُّمِ

﴿الطَّوْلِ﴾ /٣/: التَّفَضُّلُ. ﴿دَاخِرِينَ﴾ /النمل: /٨٧/: خَاضِعِينَ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿إِلَى النَّجَاةِ﴾ /٤١/: الْإِيمَانُ. ﴿لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ﴾ /٤٣/: يَعْنِي الْوَثَنَ. ﴿يُسْجَرُونَ﴾ /٧٢/: تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ. ﴿تَمْرَحُونَ﴾ /٧٥/: تَبْطَرُونَ.

وَكَانَ الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطْ النَّاسَ؟ قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ، وَاللَّهُ ﷿ يَقُولُ: ﴿يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾ /الزمر: ٥٣/. وَيَقُولُ: ﴿وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ /٤٣/؟ وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ.


(مجازها .. ) أي طريق تفسيرها هو طريق تفسير غيرها من الحروف المقطعة أوائل السور، وهو: أنها للتنبيه على أن هذا القرآن من جنس هذه الحروف، فمن ادعى أنه من قول البشر فليأت بسورة من مثله. (لقول شريح .. ) هو ابن أوفى العبسي، وكان شعار أصحاب علي يومئذ: حم، وقد طعن شريح يومها محمد بن طلحة بن عبيد الله فقال بعد ما طعنه: حم، فقال شريح هذا البيت … أي ما قال الشعار إلا بعد ما اختلط الرمح واشتبك بلحمه، فلو قال هذا قبل أن يتقدم لمقاتلتي أو لحرب علي . والشاهد في البيت: أن لفظ (حم) وقع منصوبا على المفعولية في موضعين، فدل على أنه اسم، والذين قالوا باسميته اختلفوا بمسماه، والله تعالى أعلم. (النجاة) السلامة من النار بسبب الإيمان. (ليس له دعوة) إن الأصنام التي تعبدونها لم تدعكم إلى عبادتها، ومن حق المعبود بحق أن يدعو الخلق إلى عبادته وطاعته. وكذلك هذه الأصنام لا تستجيب دعاء من دعاها وعبدها، ومن حق المعبود بحق أن يجيب دعاء من دعاه. (الوثن) الصنم. (تبطرون) تتكبرون عن الحق، ويأخذكم العجب والخيلاء. (يذكر النار) أي يذكر ما فيها من ألوان العذاب، وما يوصل إليها من سوء الأعمال. (تقنط الناس) توقعهم في اليأس الشديد من رحمة الله تعالى بسبب ما تذكر من الترهيب. (والله ﷿ يقول .. ) أي والله ﷿ بين: أن باب المغفرة والرحمة مفتوح لمن آمن وعمل صالحا ثم اهتدى، وأن من أصر على كفره ومعصيته مآله إلى النار. أي: فأنا أبلغ الناس ما جاء عن الله ﷿، والله تعالى أعلم. (أسرفوا .. ) أفرطوا في المعاصي فجنوا على أنفسهم وأرهقوها بالأوزار، وكذلك معنى المسرفين، وقد يراد بهم المشركون والكافرون.