وأنشدني بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومى:
يا بياض المشيب سودت وجهى ... عند بيض الوجوه سود القرون
فلعمرى لأخفينك جهدى ... عَنْ عيانى وعن عيان العيون
ولعمري لأمنعك أن تظهر ... فِي رأس آسفٍ محزون
بسواد فيه ابيضاض لوجهى ... وسواد لوجهك الملعون
وأنشدنا الأخفش لمنصور النمرى:
ما واجه الشيب من عينٍ وإن وفقت ... إلا لها نبوة عنه ومرتدع
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى قَالَ: أنشدنا أبى:
رأيت الشيب تكرهه الغوانى ... ويحببن الشباب لما هوينا
فهذا الشيب نخضبه سواداً ... فكيف لنا فنسترق السنينا
وفى الخضاب:
إن شيئاً صلاحه بالخضاب ... لعذاب موكل بعذاب
ولعمر الإله لولا هوى البيض ... وأن تشمئز نفس الكعاب
لأرحت الخدين من وضر الخطر ... وأذعنت لانقضاء الشباب
ومن أحسن ما قيل فِي مدح الشيب:
والشيب إن يحلل فإن وراءه ... عمرا يكون خلاله متنفس
لم ينتقص منى المشيب قلامةً ... ألآن حين بدا ألب وأكيس
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: أنشدنا أبى:
لا يرعك المشيب يابنة عبد الله ... فالشيب جلة ووقار
إنما تحسن الرياض إذا ما ... ضحكت فِي خلالها الأنوار