[محاورة الفرزدق مع بعض الأعراب]
قَالَ: وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، عَنِ الأصمعى، عَنْ أبى عمرو بن العلاء، قَالَ: قيل للفرزدق، إن هاهنا أعرابيا قريبًا منك ينشد شعراً، فقَالَ: إن هذا لقائفُ أو لخائن، فأتاه فقَالَ: مّمن الرجل؟ فقَالَ: رجل من فقعس، قَالَ: كيف تركت القنان؟ قَالَ: تركته يساير لصاف، فقلت: ما أراد الفقعسيّ، والفرزدق؟ قَالَ: أراد الفرزدق قول الشاعر:
ضمن القنان لفقعسٍ سوآتها ... إن القنان بفقعسٍ لمعمّر
قلت: فما أراد الفقعسيّ بقوله يساير لصاف، قَالَ: أراد قول الشاعر:
وإذا يسرّك من تميم خصلةُ ... فلما يسوءك من تميم أكثر
قد كنت أحسبهم أسود خفيّةٍ ... فإذا لصاف تبيض فيه الحمّر
أكلت أسيدُ والهجيم ودارمُ ... أير الحمار وخصيتيه العنبر
ذهبت فشيشة بالأباعر حولنا ... سرقاً فصبّ عَلَى فشيشة أبجر
قَالَ: ويروى هرباً
قَالَ: وأملى علينا أَبُو بَكْرٍِ محمد بن السّريّ السّرّاج:
إذا شئت آداني صرومٌ مشيعٌ ... معي وعقامٌ تتّقى الفحل مقلت
يطوف بها من جانبيها ويتّقى ... بها الشمس حيٌّ فِي الأكارع ميت
آداني: أعانني وقوّاني، وصروم: صارمٌ يعني قلبه، ومشيع: شجاع كأنه معه شيئاً يشيعه، وعقام عقيم مثل صحاح وصحيح وشحاح وشحيح، والمقلت: التي لا يبقى لها ولد كأنها تقلتهم، أي تهلكهم، والقلت: الهلاك.
وحكى الأصمعي: إن المسافر: قلتٍ إلا ما وقى الله، وقوله حيٌّ في الأكارع ميت، يعني الظّلّ كأنه مات مما، سواه من الأكارع وذلك حين يقوم النهار، ومثله وانتعل الظلّ فصار جورباً، ومن أمثال العرب إذا اشتريت فاذكر السّوق، يعنون إذا إشتريت فاطلب الصّحة وتجنّب العيوب، فإنك ستحتاج إلى أن تقيم السّلعة التي اشتريتها فِي السّوق يوما لا بد منه.
ومن أمثالهم ربَّ شدُّ فِي الكرز، يضرب مثلاً للرجل يحتقر عندك وله خبرٌ قد علمت به أنت،