[شعر عجوز فصيحة]
قَالَ وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن دريد، قَالَ: وحَدَّثَنِي عبد الرحمن، عَنْ عمه، قَالَ: أنشدتني عجوز بحمى ضريّة:
ومستخفياتٍ ليس يخفين زرننا ... يسحبّن أذيال الصّبابة والشّكل
جمعَنِ الهوى حتى إذا ما ملكنه ... نزعن وقد أكثرن فينا من القتل
مريضات رجع القول خرس عَنِ الحنا ... تألّفن أهواء القلوب بلا بذل
موارق من حبل المحبّ عواطفٍ ... بحبل ذوي الألباب بالجد والهزل
يعنّفنى العدّال فيهنّ والهوى ... يحذّرني من أن أطيع ذوي العذل
قَالَ الأصمعي: فما رأيت امرأة أحلى لفظاً منها ولا أفصح لساناً.
قَالَ: وأنشدنا عَلَى بن سليمان، لأبي عَلَى البصير:
لعمر أبيك ما نسب المعلّي ... إِلَى كرم وفي الدنيا كريم
ولكنّ البلاد إذا اقشعرّت ...
وصوّح نبتها رعى الهشيم
صوّح: يبس وتشقّق.
قَالَ: وأنشدنا ابراهيم بن محمد، قَالَ: أنشدنا أَبُو العباس:
لعمرك ما يدري الفتى أيّ أمره ... وإن كان محروصاً عَلَى الرّشد أرشد
أفي عاجلات الأمر أم آجلاته ... أم اليوم أدنى للسّعادة أم غد
قَالَ: وأنشدنا أيضاً عَنْ أبي العباس:
إذا بلغ الرّأي المشورة فاستعن ... برأي نصيح أو مشورة حازم
ولا تحسب الشّورى عليك غضاضةً ... مكان الخوافي نافعٌ للقوادم
قَالَ: وأنشدنا محمد بن السّريّ للعباس بن الأحنف:
لعمري لئن كان المقرب منكم ... هوىً صادقاً أنّى لمستوجب القرب
سأرعى وما استوجبت منّي رعايةً ... واحفظ ما ضيّعت من حرمة الحبِّ
متى تبصريني يا ظلوم تبيني ... شمائل بادى البث منصدع القلب