وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، عَنِ الأصمعي، قَالَ: بلغني أن بعض الحكماء كان يقول: «إني لأعظكم وإني لكثير الذنوب، مسرفٌ عَلَى نفسي، غير حامدٍ لها، ولا حاملها عَلَى المكروه فِي طاعة الله عز وجلّ، قد بلوتها فلم أجد لها شكراً فِي الرخاء، ولا صبراً عَلَى البلاء، ولو أن المرء لا يعظ أخاه حتى يحكم أمر نفسه، لترك الأمر بالخير والنهي عَنِ المنكر، ولكن محادثة الإخوان حياةٌ للقلوب، وجلاءٌ للنفوس، وتذكيرٌ من النسيان، واعلموا أن الدنيا سرورها أحزان، وإقبالها إدبار، وآخر حياتها الموت، فكم من مستقبلٍ يوما لا يستكمله، ومنتظر غدا لا يبلغه، ولو تنظرون إِلَى الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره»
وحَدَّثَنَا أَبُو عبد الله، قَالَ: أَخْبَرَنَا محمد بن موسى السامي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأصمعي، قَالَ: رأيت أعرابياً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: يا حسن الصحبة، أتيتك من بُعدٍ فأسألك سترك الذي لا ترفعه الرّياح، ولا تخرقه الرماح
وأنشدني أَبُو بَكْرِ بن دريد للحطيئة:
مستحقبات رواياها جحافلها ... يسمو بها أشعريٌّ طرفه سامي
الرّوايا: الإبل التي تحمل الماء والزاد، فالخيل تجنب إليها، فإذا طال عليها القياد وضعت جحافلها عَلَى أعجازها، فصارت كأنها قد استحقبت جحافلها، أي جعلت حقائب لها، وواحد الحقائب حقيبة.
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: أنشدنا أَبُو العباس أحمد بن يحيى النحوي، قَالَ: أنشدنا محمد بن سلام، لعمارة بن صفوان الضبي:
أجارتنا من يجتمع يتفرق ... ومن يك رهنا للحوادث يغلق