وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَلَى الغنويّ، وأَبُو حسن بن براء، وأَبُو العباس أحمد بن يحيى لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: والألفاظ فِي الرواية مختلطة
كتمت الهوى حتى أضربك الكتم ... ولامك أقوام ولومهم ظلم
ونم عليك الكاشحون وقبلهم ... عليك الهوى قد نم لو نفع النم
وزادك إغراءُ بها طول بخلها ... عليك وأبلى لحم أعظمك الهمُّ
فأصبحت كالنهدي إذ مات حسرة ... عَلَى إثر هند أو كمن سقي السمُّ
ألا من لنفسٍ لا تموت فينقضى ... شقاها ولا تحيا حياةً لها طعم
تجنّبت إتيان الحبيب تأثماً ... ألا إن هجران الحبيب هو الإثم
فذق هجرها قد كنت تزعم أنه ... رشادُ ألا يا ربما كذب الزِّعم
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن دريد، قَالَ: أنشدنا أَبُو حاتم، لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود،
فلو أكلت من نبت دمعي بهيمةُ ... لهيَّج منها رحمةً حين تأكله
ولو كنت فِي غلٍّ فبحت بلوعتي ... اليه للانت لي ورقت سلاسله
ولما عصاني القلب أظهرت عولةً ... وقلت ألا قلبٌ بقلبي أبادله
[خطبة الأحنف بن قيس لقوم كانوا عنده]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله تعالى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عثمان، عَنِ التوزيّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي رجل من أهل البصرة، عَنْ رجل من بني تميم، قَالَ: حضرت مجلس الأحنف بن قيس وعنده قوم مجتمعون فِي أمر لهم، فحمد الله وأثنى عليه ثم قَالَ: إن الكرم، ومنع الحرم، ما أقرب النقمة من أهل البغي، لا خير فِي لذة تعقب ندماً، لن يهلك من قصد، ولن يفتقر من زهد، ربَّ هزلٍ قد عاد جداً، من أمن الزمان خانه، ومن تعظم إليه أهانه، دعوا المزاح فإنه يؤرث الضغائن، وخير القول ما صدّقه الفعل، احتملوا لمن أدل عليكم، وأقبلوا عذر من اعتذر اليكم، أطع أخاك وإن عصاك، وصله وإن جفاك، أنصف من نفسك قبل أن ينتصف منك، وإياكم ومشاورة النساء، واعلم أن كفر النعمة لؤم، وصحبة الجاهل شؤم، ومن الكرم الوفاء بالمذمم، ما أقبح القطيعة بعد الصلة، والجفاء بعد اللَّطف، والعداوة بعد الودّ، لا تكونن عَلَى الإساءة أقوى منك عَلَى الإحسان، ولا إِلَى البخل أسرع منك إِلَى البذل.
واعلم