للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دابة غبراء من الدود تكون فِي الحمض فتتخذ بيتاً من كسار عيدانه، ثم تلزقه بمثل نسج العنكبوت إلا أنه أصلب، ثم تلزقه بعود من أعواد الشجر وقد غطّت راْسها وجميعها فتكون فيه.

وأنه لأخرق من حمامة وذلك أنها تبيض بيضاً عَلَى الأعواد البالية فربما وقع بيضها فتكسر.

وقَالَ أَبُو بَكْرِ بن دريد: العرب تقول: هو أظلم من أفعى، وذلك أنها لا تحتفر جحرا إنما تهجم عَلَى الحيات فِي حجرتها، وتدخل فِي كل شق وثقب، وأنشدني قَالَ أنشدنا عبد الرحمن:

كأنما وجهك ظلٌّ من حجر ... ذو خضلٍ فِي يوم ريح ومطر

فأنت كالأفعى التي لا تحفر ... ثم تجيء سادرةً فتنجحر

وكذلك هو أظلم من حية، وذلك أنها تدخل فِي كل جحر وتهجم عَلَى كل دابة.

ومن أمثالهم: لا تهرف بما لا تعرف، والهرف: الإطناب فِي الثناء والمدح.

وقَالَ أَبُو عبيدة: من أمثالهم: سبني واصدق يقول: لا أبالي أن تقول فِي مالا أعرفه من نفسي بعد أن تجانب الكذب.

وقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أحمق يمطخ الماء، أي يلعقه، والمطخ: اللعق، يقول: لا يشرب الماء ولكنه يلعقه.

وأحمق يسيل مرغه، وهو اللعاب.

وأحمق لا يجأى مرغه، أي لا يحبس لعابه.

ما وقع بين أبي الأسود الدولي وامرأته من المخاصمة فِي ولدها منه بين يدي زياد

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حاتم، عَنْ أبى عبيدة، قَالَ: جرى بين أبي الأسود الدؤلي وبين امرأته كلام فِي ابن كان لها منه وأراد أخذه منها، فسار إِلَى زياد وهو والي البصرة، فقَالَت المرأة: أصلح الله الأمير، هذا ابني كان بطني وعاءه، وحجري فناءه، وثديي سقاءه، أكلؤه إذا نام، وأحفظه إذا قام، فلم أزل بذلك سبعة أعوام حتى إذا استوفى فصاله، وكملت خصاله، واستوكعت أوصاله، وأملت نفعه، ورجوت دفعه، أراد أن يأخذه مني كرهاً، فآدني أيها الأمير، فقد رام قهري، وأراد قسري، فقَالَ أَبُو الأسود: أصلحك الله، هذا ابني حملته قبل أن تحمله، ووضعته قبل أن تضعه، وأنا أقوم عليه فِي أدبه، وأنظر فِي أوده، وأمنحه علمي، وألهمه حلمي، حتى يكمل عقله، ويستحكم فتله، فقَالَت المرأة: صدق أصلحك الله، حمله خفاً، وحملته ثقلاً، ووضعه شهوة، ووضعته كرهاً، فقَالَ له زياد: اردد عَلَى المرأة ولدها فهي أحق به منك، ودعني من سجعك

استوكعت: اشتدت، وقوله: فآدني أي قوني وأعني

<<  <  ج: ص:  >  >>