فجالت عبرة أشفقت منها ... تسيل كأن وابلها فريد
فقالوا قد جزعت فقلت كلا ... وهل يبكى من الطرب الجليد
ولكنى أصاب سواد عينى ... عويد قذى لَهُ طرف حديد
فقالوا ما لدمعهما سواء ... أكلتا مقلتيك أصاب عود
لقبل دموع عينيك خبرتنا ... بما جمجمت زفرتك الصعود
فقم وانظر يزدك مطال شوقٍ ... هنالك منظر منهم بعيد
مطلب حديث الجاحظ وهو مفلوج وقصيدة عوف بْن محلم الخزاعي التي منها: إن الثمانين البيت
وَحَدَّثَنَا أَبُو معاذ عبدان الخولى المتطبب، قَالَ: دخلنا يوما بسر من رأى عَلَى عمرو بْن بحر الجاحظ نعوده وقد فلج، فلما أخذنا مجالسنا أتى رسول المتوكل فِيهِ فقَالَ: وما يصنع أمير المؤمنين بشق مائل، ولعاب سائل؟ ثم أقبل علينا فقَالَ: ما تقولون فِي رجل لَهُ شقان: أحدهما لو غرز بالمسال ما أحس، والشق الآخر يمر بِهِ الذباب فيغوث، وأكثر ما أشكوه الثمانون؟ ثم أنشدنا أبياتا من قصيدة عوف بْن محلم الخزاعى.
قَالَ أَبُو معاذ: وكان سبب هذه القصيدة أن عوفا دخل عَلَى عَبْد اللَّه بْن طاهر، فسلم عَلَيْهِ عبد الله فلم يسمع، فأعلم بذلك، فزعموا أنّهُ ارتجل هذه القصيدة ارتجالا، فأنشده:
يا بن الَّذِي دان لَهُ المشرقان ... طرا وقد دان لَهُ المغربان
إن الثمانين وبلغتها ... قد أحوجت سمعي إِلَى ترجمان
وبدلتني بالشطاط الانحنا ... وكنت كالصعدة تحت السنان
وبدلتنى من زماع الفتى ... وهمتى هُم الجبان الهدان
وقاربت منى خطا لم تكن ... مقارباتٍ وثنت من عنان
وأنشأت بينى وبين الورى ... عنانة من غير نسج العنان