عظيم أجرك، أبرزت إليك وجوهها المصونة صابرةً عَلَى لفح السّمائم، وبرد ليل التمائم، ليدركوا بذلك رضوانك، ثم انتحب وبكى ورفع يديه وطرفه إِلَى السماء، ثم أنشأ يقول: إلهي إن كنت مددت يدي إليك داعياً، فطالما كفيتني ساهياً، نعمتك تظاهرها عَلَى عند القفلة، فكيف أياس منها عند الرّجعة، ولا أترك رجاءك لما قدّمت من اقتراف آثامك، وإن كنت لا أصل إليك إلا بك، فهب لي يا ربّ الصّلاح فِي الولد، والأمن فِي البلد، وعافني من شرّ الحسد، ومن شرّ الدّهر النّكد
قَالَ وحَدَّثَنَا أَبُو يعلي، عَنِ الأصمعي، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله المزني، عَنْ أبيه، عَنْ بلال بن سعد، قَالَ: قضى سعد بن أبي وقاص لحرقة بنت النّعمان حاجةً سألته إياها، فكان من دعائها له لا جعل الله لك إِلَى لئيم حاجةً، ولا أزال لك عَنْ كريم نعمة، ولا زالت عَنْ عبد صالح نعمةٌ إلا جعلك سبباً لردّها
[ما كان ينشده عمر بن عبد العزيز من شعر عبد الله القرشي]
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن دريد، عَنْ بعض أشياخه، قَالَ: كان عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه كثيراً ما ينشد شعر عبد الله بن عبد الأعلى القرشي:
تجهّزي بجهازٍ تبلغين به ... يا نفس قبل الرّدى لم تخلقي عبثاً
وسابقي بغتة الآجال وانكمشي ... قبل اللّزام فلا منجى ولا غوثاً
ولا تكدّي لمن يبقى وتفتقري ... إنّ الرّدى وارث الباقي وما ورثا
واخشي حوادث صرف الدّهر فِي مهلٍ ... واستيقني لا تكوني كالذي انتجثا
عَنْ مديةٍ كان فيها قطع مدّته ... فوافق الحرث موفوراً كما حرثا
لا تأمني فجع دهرٍ مورطٍ خبلٍ ... قد استوى عنده ما طاب أو خبثا
يا ربَّ ذي أملٍ فيه عَلَى وجلٍ ... أضحى به آمناً أمسى وقد جئثا
من كان حين تصيب الشمس جبهته ... أو الغبار يخاف الشّين والشّعثا
ويألف الظّلّ كي تبقى بشاشته ... فسوف يسكن يوما راغما جدثا
فِي قعر موحشةٍ غبراء مقفرةٍ ... يطيل تحت الثرى فِي رمسها اللبثا