يؤرقني اكتئاب أبى نميرٍ ... فقلبى من كآبته كئيب
فقلت هداك الله مهلاً ... وخير القول ذو اللب المصيب
عسى الكرب الذى أمسيت ... فيه يكون وراءه فرج قريب
فيأمن خائف ويفك عانٍ ... ويأتى أهله النائى الغريب
ألا ليت الرياح مسخرات ... بحاجتنا تباكر أو تؤوب
فتخبرنا الشمال إذا أتتنا ... وتخبر أهلنا عنا الجنوب
فإنا قد حللنا دار بلوى ... فتخطئنا المنايا أو تصيب
فإن يك صدر هذا اليوم ولى ... فإن غداً لناظره قريب
وقد علمت سليمى أن عودى ... عَلَى الحدثان ذو أيدٍ صليب
وأن خليقتى كرم وأنى ... إذا أبدت نواجذها الحروب
أعين عَلَى مكارمها وأغشى ... مكارهها إذا كع الهيوب
وقد أبقى الحوادث منك ركنا ... صليبا ما تؤيسه الخطوب
عَلَى أن المنية قد توافى ... لوقتٍ والنوائب قد تنوب
: قوله: تؤيسه: تؤثر فيه، قَالَ الملتمس:
ألم تر أن الجون أصبح راسيا ... تطيف به الأيام ما يتأيس
وقَالَ الطريف العنبري:
إن قناتى لنبع ما يؤيسها ... عض الثقاف ولا دهن ولا نار
[مطلب ما وقع من المفاخرة بين طريف بن العاصي والحارث بن ذبيان عند بعضهم مقاول حمير وشرح غريب ذلك]
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن دريد، رحمه الله، تعالى، قَالَ: أَخْبَرَنِي عمى، عَنْ أبيه، عَنِ ابن الكلبى، عَنْ أبيه، قَالَ: اجتمع طريف بن العاصى الدوسى، وهو جد طفيل ذى النورين بن عمرو بن طريف، والحارث ابن ذبيان بن لجا بن منهب، وهو أحد المعمرين، عند بعض مقاول حمير، فتفاخرا، فقَالَ الملك للحارث: يا حارث، ألا تخبرنى بالسبب الذى أخرجكم عَنْ قومكم حتى لحقتم بالنمر بن عثمان؟ فقَالَ: