وحارد عندى فِي هذا البيت بمعنى قلَّ، يُقَال: حاردت الإبل إذا قلت ألبانها، قَالَ الكميت:
وحاردت النكد الجلاد ولم يكن ... لعقبة قدر المستعرين معقب
ويقَالَ حرد الرجل حردا بفتح الراء؛ ومن العرب من يَقُولُ: حرد الرجل حردا بتسكين الراء إذا غضب، وأنشد أَبُو عبيدة للأشهب بْن رميلة
اسود شرى لاقت أسود خفيةٍ ... تساقوا عَلَى حرد دماء الأساود
[مطلب تفسير الغريب من حديث السحابة]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ دُرَيْدٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَفْصٍ سَمْعَانُ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ الْمُهَلَّبِ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ جَالِسٌ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ نَشَأَتْ سَحَابَةٌ، فَقَالُوا: يا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ سَحَابَةٌ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَرَوْنَ قَوَاعِدَهَا؟» .
قَالُوا: مَا أَحْسَنَهَا وَأَشَدَّ تَمَكُّنَهَا! قَالَ: «وَكَيْفَ تَرَوْنَ رَحَاهَا؟» .
قَالُوا: مَا أَحْسَنَهَا وَأَشَدَّ اسْتِدَارَتَهَا! قَالَ: «وَكَيْفَ تَرَوْنَ بَوَاسِقَهَا؟» .
قَالُوا: مَا أَحْسَنَهَا وَأَشَدَّ اسْتِقَامَتِهَا! قَالَ: «وَكَيْفَ تَرَوْنَ بَرْقَهَا أَوَمِيضًا أَمْ خَفِيًّا أَمْ يَشُقُّ شَقًّا؟» .
قَالُوا: بَلْ يَشُقُّ شَقًّا، قَالَ: «فَكَيْفَ تَرَوْنَ جَوْنَهَا؟» .
قَالُوا: مَا أَحْسَنَهُ وَأَشَدَّ سَوَادَهُ! فقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: «الْحَيَا» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا الَّذِي هُوَ مِنْكَ أَفْصَحُ، قَالَ: «وَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِي لِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ» قواعدها، أسافلها: واحدتها قاعدة، فأما القواعد من النساء فواحدتها قاعد، وهى التى قعدت عَنِ الولد وذهب حرم الصلاة عَنْهَا.
ورحاها: وسطها ومعظمها، وكذلك رحى الحرب: وسطها ومعظمها حيث استدار القوم، قَالَ الشاعر:
فدارت رحانا بفرسانهم ... فعادوا كَانَ لم يكونوا رميما
وبواسقها: ما علا منها وارتفع، واحدتها باسقة، وكل شيء ارتفع وطال فقد بسق، يُقَال: قد بسقت النخلة، قَالَ اللَّه عز وجل: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ} [ق: ١٠] وكذلك بسق النبت، فكثر فِي كلامهم