نميل عَلَى جوانبه كأنا ... نميل إذا نميل عَلَى أبينا
نقلبه لنخبر حالتيه فنخبر ... منهما كرماً ولينا
فأمر له بمائة ألف
[حديث أسيد بن عنقاء الفزاري، وما كان من مواساة عميلة الفزاري له وما مدحه به]
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن شقير النحوي فِي منزله فِي غلة صافي ونحن يومئذ نقرأ عليه كتب الواقدي فِي المغازي وكان يرويها، عَنْ أحمد بن عبيد، عَنِ الواقدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن عبيد بن ناصح، قَالَ: كان أسيد ابن عنقاء الفزاري من أكثر أهل زمانه وأشدهم عارضة ولساناً، فطال عمره، ونكبه دهره، واختلت حالته، فخرج عشية يتبقّل لأهله، فمر به عميلة الفزاري فسلم عليه وقَالَ: يا عم، ما أصارك إِلَى ما أرى من حالك؟ فقَالَ: بخل مثلك بماله، وصوني وجهي عَنْ مسألة الناس، فقَالَ: والله لئن بقيت إِلَى غد لأغيرن ما أرى من حالك، فرجع ابن عنقاء إِلَى أهله فأخبرها بما قَالَ له عميلة، فقَالَت له: لقد غرك كلام غلام جنح ليل، فكأنما ألقمت فاه حجراً فبات متململاً بين رجاء ويأس، فلما كان السحر سمع رغاء الإبل، وثغاء الشاء، وصهيل الخيل، ولجب الأموال فقَالَ: ما هذا؟ فقالوا: هذا عميلة ساق إليك ماله، قَالَ: فاستخرج ابن عنقاء ثم قسم ماله شطرين وساهمه عليه، فأنشأ ابن عنقاء، يقول:
رآني عَلَى ما بي عميلة فاشتكى ... إِلَى ماله حالي أسر كما جهر
دعاني فآساني ولو ضن لم ألم عَلَى حين لا بدو يرجى ولا حضر
فقلت له خيرا وأثنيت فعله ... وأوفاك ما أبليت من ذم أو شكر
ولما رأى المجد استعيرت ثيابه ... تردّى رداء سابغ الذيل وأتزر
غلام رماه الله بالخير مقبلاً له ... سيمياء لا تشق عَلَى البصر
كأن الثريا علقت فوق نحره ... وفي أنفه الشعرى وفي خده القمر
إذا قيلت العوراء أغضى كأنه ... ذليل بلا ذل ولو شاء لانتصر
وأنشدنا أَبُو عبد الله، قَالَ: أنشدنا أَبُو العباس أحمد بن يحيى، عَنِ أبن الأعرابى:
كريم يغض الطرف فضل حيانه ... ويدنو وأطراف الرماح دواني