للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسألته عَنْ معنى هذا البيت، فقَالَ: كان ابوه أعمى وجده أعمى وجد أبيه أعمى، يقول: فلو لم تكن مدخول النسب كنت أعمي كآبائك.

أبي كان خير من أبيك ولم يزل ... جنيباً لآبائي وأنت جنيب

وما زلت خيراً منك مذ عض كارهاً ... برأسك عادي النجاد ركوب

يقول: ما زلت خيراً منك مذ عض برأسك فعل أمك أي مذ ولدت والعادي: القديم.

والنجاد جمع نجد: وهو الطريق المرتفع.

والركوب: المركوب الموطوء وهو فعول فِي معنى مفعول، وإنما هذا تشبيه جعل ما عض برأسه من فرجها مثل الطريق القديمة المركوبة فِي كثرة من يسلكها، يريد أنه قد ذلل حتى صار كتلك، فيقَالَ: إن شبيباً عمي بعد ما كبر فكان يقول: علم أني مريٌّ.

مطلب حديث سالم بن قحفان العنبري وإعطائه صهره الأبعرة وما قاله لامرأته من الشعر وقد لامته عَلَى البذل

وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد، وقَالَ: سالم بن قحفان العنبري، وكان صهره أخو امرأته أتاه فأعطاه بعيراً من إبله وقَالَ لامرأته: هاتي حبلاً يقرن به ما أعطيناه إِلَى البعير، ثم أعطاه آخر، ثم أعطاه ثالثاً وقَالَ: هاتي حبلاً، فقَالَت: ما بقي عندي حبلٌ، فقَالَ لها: عَلَى الجمال وعليك الحبال، ثم قَالَ:

لا تعذليني فِي العطاء ويسري ... لكل بعيرٍ جاء طالبه حبلا

وقبله:

لقد بكرت أم الوليد تلومني ... ولم أجترم جرماً فقلت لها مهلا

فإني لا تبكي عَلَى إفالها ... إذا شبعت من روض أوطانها بقلا

فلم أر مثل الإبل مالاً لمقتنٍ ... ولا مثل أيام الحقوق لها سبلا

وزادني بعض أصحابنا عَنْ أبي الحسن الأخفش:

إذا سمعت آذانها صوت سائل ... أصاخت فلم تأخذ سلاحاً ولا نبلا

السلاح ههنا جمالها، يقول: سمنها يمنع صاحبها من أن يسخو بها، ولكنه يعطيها عَلَى كل حال لا يمنعه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>