وحَدَّثَنَا أَبُو المياس، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن عبيد بن ناصح، قَالَ: قَالَ الأصمعي: قيل لذي الرمة: من أين عرفت الميم لولا صدق من نسبك إِلَى تعليم أولاد الأعراب فِي أكتاف الإبل؟ فقَالَ: والله ما عرفت الميم إلا أني قدمت من البادية إِلَى الريف فرأيت الصبيان وهم يجوزون بالفجرم فِي الأوق، فوقفت حيالهم أنظر إليهم فقَالَ غلام من الغلمة: قد أزقتم هذه الأوقة فجعلتموها كالميم، فقام غلام من الغلمة فوضع منجمه فِي الأوقة فنجنجه فأفهقها، فعلمت أن الميم شيء ضيق فشبهت عين ناقتي به وقد أسلهمت وأعيت قَالَ أَبُو المياس: الفجرم: الجوز.
: ولم أجد هذه الكلمة فِي كتب اللغويين ولا سمعتها من أحد من أشياخنا غيره.
والأوقة: الحفرة.
وقوله: قد أزفتم أي ضيقتم.
ونجنجه: حركه فأفهقها: ملأها.
والمنجم: العقب، وكل ما نتأ وزاد عَلَى ما يليه فهو منجم.
والكعب: منجم أيضاً.
وأسلهمت: تغيرت، والمسلهم: الضامر المتغير.
وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد لكثير:
أقول لماء العين أمعن لعله ... بما لا يرى من غائب الوجد يشهد
فلم أدر أن العين قبل فراقها ... غداة الشبا من لاعج الوجد تجمد
ولم أر مثل العين ضنت بمائها ... عَلَى ومثلي عَلَى الدمع يحسد
وقرأت عليه أيضاً:
سيهلك فِي الدنيا شفيقٌ عليكم ... إذا غاله من حادث الدهر غائله
ويخفي لكم حباً شديدا ورهبة ... وللناس أشغال وحبك شاغله
وحبك ينسيني من الشيء فِي يدي ... ويذهلني عَنْ كل شيء أزاوله
كريمٌ يميت السر حتى كأنه ... إذا استبحثوه عَنْ كل حديثك جاهله
يود بأن يمسي سقيماً لعلها ... إذا سمعت عنه بشكوى تراسله
ويرتاح للمعروف فِي طلب العلا ... لتحمد يوماً عند ليلى شمائله
فلو كنت فِي كبلٍ وبحت بلوعتي ... إليه لأنت رحمة لي سلاسله