فذاك كماء البحر لست مسيغه ... ويعجب منه ساجياً كل ناظر
وتلقى الأصيل الفاضل الرأي جسمه ... إذا ما مشى فِي القوم ليس بقاهر
كذلك جفن رث عَنْ طول مكثه ... عَلَى حد مفتوق الغرارين باتر
وعاشٍ بعينيه لما لا يناله ... كساعٍ برجليه لإدراك طائر
ومستنزل حرباً عَلَى غير ثروة ... كمقتحم فِي البحر ليس بماهر
وملتمس ودا لمن لا يودّه ... كمعتذر يوماً إِلَى غير عاذر
ومتخذ عذراً فعاد ملامة ... كوالي اليتامى ما لهم غير وافر
فسارع إذا سافرت فِي الحمد واعلمن ... بأنّ ثناء الركب حظّ المسافر
وطاوعهم فيما أرادوا وقل لهم ... فدىً للذي رمتم كلال الأباعر
فإن كنت ذا حظٍّ من المال فالتمس ... به الأجر وارفع ذكر أهل المقابر
فإني رأيت المال يفنى وذكره ... كظلٍّ يقيك الظلّ حرّ الهواجر
وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى:
سميت معنا بمعن ثم قلت له ... هذا سميّ فتىً فِي الناس محمود
أنت الجواد ومنك الجود أوله ... فإن فقدت فما جودٌ بموجود
من نور وجهك تضحى الأرض مشرقةً ... ومن بنانك يجري الماء فِي العود
أضحت يمينك من جود مصورةً ... لا بل يمينك منها صورة الجود
خطبة بعض الأعراب فِي قومه وقد ولاه جعفر بن سليمان بعض مياههم
وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الرحمن، عَنْ عمه، قَالَ: ولى جعفر بن سليمان أعرابياً بعض مياههم، فخطبهم يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم قَالَ: أما بعد، فإن الدنيا دار بلاغ، والآخرة دار قرار، فخذوا لمقركم من ممركم، ولا تهتكوا أستاركم.
عند من لا تخفى عليه أسراركم، وأخرجوا من الدنيا قلوبكم، قبل أن تحرج منها أبدانكم، ففيها حييتم، ولغيرها خلقتم، إن الرجل إذا