ناقة حمراء، ولا جملا أصهب؛ ثم سرحوا العبد ودعوا الحارث فقصوا عليه القصة، فقَالَ: قد أنذركم.
أما قوله: قد أدبى العرفج: فإنه يريد أن الرجال قد استلأموا، أى لبسوا الدروع.
وقوله: شكت النساء، أى اتخذن الشكاء للسفر.
وقوله: ناقتى الحمراء: أى ارتحلوا عَنِ الدهناء واركبوا الصمان وهو الجمل الأصهب.
وقوله: بآية ما أكلت معكم حيساً: يريد اخلاطا من الناس قد غزوكم، لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط.
فامتثلوا ما قَالَ وعرفوا فحوى كلامه.
وأخذ هذا المعنى أيضاً رَجُل من بْني تميمٍ كَانَ أسيرا فكتب إِلَى قومه:
حلو عَنِ الناقة الحمراء أرحلكم ... والبازل الأصهب المعقول فاصطنعوا
إن الذئاب قد اخضرت براثنها ... والناس كلهم بَكْر إذا شبعوا
يريد أن الناس كلهم إذا أخصبوا عدو لكم كبكر بْن وائل.
ومعنى صائب، عَلَى مذهب أبى الْعَبَّاس فِي البيت: قاصد، كما قَالَ
جميل وما صائب من نابلٍ قذفت بِهِ ... يد وممر العقدتين وثيق
فيكون معنى قوله: منطق صائب، أى قاصد للصواب وإن لم يصب؛ وتلحن أحيانا، أى تصيب وتفطن؛ ثم قَالَ: وخير الحديث ما كَانَ لحناً أى إصابة وفطنة
مطلب الكلام عَلَى مادة حرد ومعنى قوله تعالى: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: ٢٥]
ومعنى قوله جل وعز: {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: ٢٥] أى عَلَى قصد، قَالَ الجُميح:
أما إذا حردت حردى فمجرية ... ضبطاء تسكن غيلاً غير مقروب
أى قصدت قصدى.
وقَالَ الآخر:
أقبل سيل جاء من أمر اللَّه ... يحرد حرد الجنة المغله
أى يقصد قصدها.
وقَالَ أَبُو عبيدة: معنى قوله: {عَلَى حَرْدٍ} [القلم: ٢٥] أى عَلَى غضب وحقد.
وأجاز ما ذكرناه.
قَالَ: ويجوز أن يكون {عَلَى حَرْدٍ} [القلم: ٢٥] معناه عَلَى منع، واحتج بقول العباس بْن مرداس السلمى:
وحارب فإن مولاك حارد نصره ... ففى السيف مولى نصره لا يحارد