قيل للجلد الذي يحمل فيه الماء: راوية، وإنما الراوية: البعير الذي يستقى عليه، وينشد بيت عمرو بن كلثوم عَلَى وجهين.
ونحن إذا عماد البيت خرّت ... عَلَى الأحفاض نمنع من يلينا
ويروى: عَنِ الأحفاض، فمن روى عَلَى أراد متاع البيت، ومن روى عَنْ أراد الجمل الذي يحمل عليه متاع البيت.
الكلام عَلَى مادة هجر
قَالَ أَبُو نصر: هجرت فلاناً أهجره هجراناً وهجراً، إذا تركت كلامه، وهجر الرجل فِي منامه يهجر هجراً، إذا هذي وتكلَّم فِي منامه، وأهجر يهجر إهجاراً وهجرا، إذا قَالَ: هجرا أي فحشا وكلاماً قبيحاً، وهجرت البعير أهجره هجوراً وهو أن تشدَّ حبلاً من حقوه إِلَى خف يده، وذلك الحبل يسمَّى الهجار، وروى أَبُو عبيد عَنِ الأصمعي: هجرت البعير أهجره هجراً وهو أن تشّد حبلاً فِي رسغ رجله ثم تشده إِلَى حقوه إن كان عرياً، وإن كان مرحولاً شددته إِلَى حقيبته، وذكر الأصمعي فِي كتاب الصفات نحو قول أبي عبيدة، قَالَ: وهو أن تشدّ حبلاً من وظيف رجله إِلَى حقوه، وأنشد:
فكعكعوهنّ فِي ضيق وفي دهشٍ ... ينزون من بين مأبوضٍ ومهجور
وقَالَ أَبُو نصر: وهاجر الرجل يهاجر مهاجرة إذا خرج من البدو إِلَى المدن: ويقَالَ: هاجر أيضاً إذا خرج من بلد إِلَى بلد، وقَالَ أَبُو نصر ويقَالَ لكل ما أفرط فِي طول أو غيره: مهجر والأنثى مهجرة، ونخلة مهجرة، إذا أفرطت فِي الطول قَالَ الراجز:
تعلوا بأعلى السّحق المهاجر ... منها عشاش الهدهد القراقر
وقَالَ غيره: الهاجريٌ: الحاذق بالإستقاء، ويقَالَ: هذا أهجر من هذا أي أفضل منه، ويقَالَ: لكل شيء فضل شيئاً: هو أهجر منه، ولهذا قيل للّبن الجيد: هجير، ويقَالَ: إنّ معاوية، رحمه الله، خرج متنزهاً فمر بحواء ضخم فقصد قصد بيت منه، فإذا بفنائه امرأةٌ برزة، فقَالَ لها: هل من غذاء؟ قَالَت: نعم حاضر، قَالَ: وما غداؤك؟ قَالَت: خبزٌ خمير، وماءٌ نمير، وحيسٌ فطير، ولبن هجير، فثنى وركه ونزل، فلما تغدى، قَالَ: هل لك من حاجة؟ فذكرت حاجة أهل الحواء، قَالَ: هاتي