مطلب تفسير ما جاء من الغريب فِي وصف الغلام البيت أبِيهِ
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْر، رحمه الله، قَالَ: أَخْبَرَنِي عمى، عَنْ أبِيهِ، عَنِ ابن الكلبى، قَالَ: خرج رَجُل من العرب فِي الشهر الحرام طالبا حاجة، فدخل فِي الحل فطلب رجلا يستجير بِهِ، فدفع إِلَى أغيلمه يلعبون، فقَالَ لهم: من سيد هذا الحواء؟ فقَالَ غلام منهم: أبِيهِ قَالَ: ومن أبوك؟ قَالَ: باعث بْن عويص العاملي، قَالَ: صف ليبيت أبيك من الحواء، قَالَ: بيت كأنه حرة سوداء، أو غمامة حماء، بفنائه ثلاثة أفراس، أما أحدها: فمفرع الأكتاف، متماحل الأكناف، مائل كالطراف.
وأما الآخر: فذيال جوال صهال، أمين الأوصال، أشم القذال.
وأما الثالث: فمغار مدمج، محبوك محملج، كالقهقر الأدعج.
فمضى الرجل حتى انتهى إِلَى الخباء ففقد زمام ناقته ببعض أطنابه وقَالَ: يا باعث، جار علقت علائقه، واستحكمت وثائقه، فخرج إلَيْهِ باعث فأجاره: المفرع: المشرف، والفرعة والفرعة بفتح الراء وتسكينها: أعلى الجبل وجمعها فراع، يُقَال: أئت فرعةً من فراع الجبل فانزلها، ومنه قِيلَ: جبل فارع، ونقى فارع إذا كَانَ أطول مما يليه، وبه سميت المراة فارعة، ويقَالَ: أنزل بفارعة الوادي، واحذر أسفله.
وتلاع فوارع، أي مشرفات المسايل.
وقَالَ أَبُو نصر: يُقَال: فرع فلان قومه إذا علاهم بشرف أو جمال أو غيره، ولقيه ففرع رأسه بالعصا يريد: علاه.
وقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: تفرع فلان القوم إذا ركبهم وشمهم.
وقَالَ غيره: تفرعت الشىء: علوته.
وقَالَ أَبُو نصر: فرع إذا علا، وفرع وأفرع إذا انحدر، قَالَ الشماخ:
فإن كرهت هجائى فاجتنب سخطي ... لا يدركنك إفراعى وتصعيدى
وأصابته دبرة عَلَى فروع كتفيه يريد: على أعاليهما، ويقَالَ: فرعت بين القوم، أي حجزت، وأفرع بينهما، أى أحجز، وفرعت فرسي أفرعه، أي قدعته، قَالَ الشاعر:
نفرعه فرعا ولسنا نعتله
وأفرعت المرأة إذا حاضت، ومنه قول الأعشى:
صددت عَنِ الأعداء يوم عباعبٍ ... صدود المذاكي أفرعتها المساحل