قَالَ: وحَدَّثَنَا أَبُو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو العباس، عَنِ ابن الأعرابي، قَالَ: أغار قوم عَلَى قوم من العرب فقتل منهم عدّة نفر وأفلت منهم رجل، فتعجّل إِلَى الحيّ فلقيه ثلاث نسوة يسألن عَنْ آبائهن، فقَالَ: لتصف كل واحدة منكن أباها عَلَى ما كان، فقَالَت إحداهن: كان أبي عَلَى شقّاء مقّاء، طويلة الأنقاء، تمطق أنثياها بالعرق، تمطق الشّيخ بالمرق، فقَالَ: نجا أبوك، فقَالَت الأخرى: كان أبي عَلَى طويلٍ ظهرها شديدٍ أسرها، هاد بها شطرها فقَالَ: نجا أبوك.
فقَالَت الأخرى: كان أبي عَلَى كرة أنوح، يرويها لبن اللّقوح، قَالَ: قتل أبوك، فلما انصرف الفلّ أصابوا الأمر كما ذكر: الشّقاء: الطويلة، وكذلك المقّاء، والمقق: الطّول، ورجل أشقّ وأمقّ إذا كان طويلاً، والنّقى: كل عظم فيه مخ، وجمعه أنقاء، والتّمطق: التّذوّق وهو أن يطبق إحدى الشفتين عَلَى الأخرى مع صوت يكون بينهما، والأسر: الخلق، قَالَ الله عز وجل:{وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}[الإنسان: ٢٨] والهادي: العنق، والأنوح: الكثير الزحير فِي جريه، يُقَال منه: أنح يأنح أنوحاً، وهو ذمّ فِي الخيل، أنشد يعقوب:
جرى لا وان ولا أنوح
قَالَ: وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى قَالَ: أنشدنا أَبُو العباس، لقيس بن ذريح:
وفي عروة العذرىّ إن متُّ أسوةٌ ... وعمرو بن عجلان الذي قتلت هند
وبي مثل ما ماتا به غير أنني ... إِلَى أجلٍ لم يأتني وقته بعد
هل الحبّ إلا عبرةٌ بعد عبرةٍ ... وحرٌّ عَلَى الأحشاء ليس له برد
وفيض دموع العين يا ليل كلّما ... بدا علمٌ من أرضكم لم يكن يبدو