[قصيدة جميل]
وأملى علينا أَبُو بَكْرِ بن الأنباري، هذه القصيدة لجميل، قَالَ: وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد فِي شعر جميل، وفي الروايتين آختلاف فِي تقديم الاْبيات وتاْخيرها وفي اْلفاظ بعض البيوت:
ألا ليت أيام الصّفاء جديد ... ودهراً تولّى يا بثين يعود
فنغنى كما كنّا نكون وأنتم ... صديق وإذا ما تبذلين زهيد
وما أنس ملا أشياء لا أنس قولها ... وقد قرّبت نضوى أمصر تريد
ولا قولها لولا العيون التي ترى ... أتيتك فأعذرني فدتك جدود
خليليّ ما أخفي من الوجد ظاهرٌ ... ودمعي بما أخفي الغداة شهيد
ألا قد أرى والله أن ربّ عبرةٍ ... اذا الدار شطّت بيننا سنزيد
إذا قلت ما بي يا بثينة قاتلي ... من الحب قَالَت ثابتٌ ويزيد
وإن قلت ردي بعض عقلي أعش به ... مع الناس قَالَت ذاك منك بعيد
فلا أنا مردودٌ بما جئت طالباً ... ولا حبها فيما يبيد يبيد
جزتك الجوازي يا بثين ملامةً ... إذا ما خليلٌ بان وهو حميد
وقلت لها بيني وبينك فاعلمي ... من الله ميثاقٌ له وعهود
وقد كان حبّيكم طريفاً وتالداً ... وما الحب إلا طارفٌ وتليد
وإن عروض الوصل بيني وبينها ... وإن سهّلته بالمنى لصعود
فأفنيت عيشي بانتظاري نوالها ... وأبليت ذاك الدّهر وهو جديد
فليت وشاة الناس بيني وبينها ... يدوف لهم سمّا طماطم سود
وليت لهم فِي كل ممسى وشارقٍ ... تضاعف أكبال لهم وقيود
ويحسب نسوانٌ من الجهل أننّي ... إذا جئت إياهّن كنت أريد
فأقسم طرفي بينهن فيستوي ... وفي الصّدر بونٌ بينهنّ بعيد
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلا ... بوادي القرى أنيّ إذاً لسعيد
وهل أهبطن أرضاً تظلّ رياحها ... لها بالثنايا القاويات وئيد