وأصل هذا المثل أن رجلاً خرج يركض فرساً فرمت بمهرها فألقاه فِي كرز بين يديه، والكرز: الجوالق، فقَالَ له رجل: لم تحمله؟ ما تصنع به؟ فقَالَ: ربَّ شدٍّ فِي الكرز، يقول: هو شديد الشّد كأمه.
مقصورة أبي صفوان الأسدي وشرحها
قَالَ: وقرأت عَلَى أبي عمر فِي نوادر ابن الأعرابي، قَالَ: أنشدنا أحمد بن يحيى، عَنِ أبن الأعرابي، لأبي صفوان الأسدي:
نأت دار ليلى وشطّ المزار ... فعيناك ما تطعمان الكرى
ومرّ بفرقتها بارحٌ ... فصدّق ذاك غراب النّوى
فأضحت ببغدان فِي منزلٍ ... له شرفاتٌ دوين السّما
وجيشٌ ورابطةٌ حوله ... غلاظ الرّقاب كأسد الشّرى
بأيديهم محدثات الصقَالَ ... سريجيّة يختلين الطّلى
ومن دونها بلدٌ نازحٌ ... يجيب به البوم رجع الصدى
ومن منهب أحن ماؤه ... سدى لا يعاذبه قد طمى
ومن حنشٍ لا يجيب الرقاة ... اسمر ذي حمةٍ كالرشا
أصمّ صموتٍ طويل السبات ... منهرت الشّدق حارى القرا
له فِي اليبيس نفاثٌ يطير ... عَلَى جانبيه كجمر الغضى
وعينان حمرٌ مآقيهما ... تبصّان فِي هامةٍ كالرّحا
إذا ما تثاءب أبدى له ... مذرّبةً عصلاً كالمدى
كأنّ حفيف الرّحا جرسه ... إذا اصطكّ أثناؤه وانطوى
ولو عضّ حرفي صفاةٍ إذاً ... لأنشب أنيابه فِي الصّفا
كأن مزاحفه أنسعٌ ... حززن فرادى ومنها ثنى
وقد شاقني نوح قمريةٍ ... طروب العشاء هتوف الضحى
من الورق نوّاحةٍ باكرت ... عسيب أشاءٍ بذات الغضى
فغنّت عليه بلحنٍ لها ... يهيج للصب ما قد مضى