للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي جحظة: يدنيه من الأنس المحل

وأنشدنا بعض أصحابنا، قَالَ: أنشدنى عمرو بن بحر الجاحظ:

أنا أبكى خوف الفراق لأنى ... بالذى يفعل الفراق عليم

أنا مستيقن بأن مقامى ... ومسير الحبيب لا يستقيم

وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد لجميل:

رحل الخليط جمالهم بسواد ... وحدا عَلَى أثر البخيلة حادى

ما إن شعرت ولا سمعت بينهم ... حتى سمعت به الغراب ينادى

لما رأيت البين قلت لصاحبى ... صدعت مصدعة القلوب فؤادى

بانوا وغودر فِي الديار ميتم ... كلف بذكرك يا بثينة صادى

وقَالَ أَبُو زيد: من أمثال العرب: تفزع من صوت الغراب وتفترس الأسد المشبم، وهو الذى قد شد فوه، وذلك أن امرأة افترست أسداً وسمعت صوت غراب ففزعت منه، يُقَال ذلك للذى يخاف اليسير من الأمور وهو جرئ عَلَى الجسيم.

ويقَالَ: كالمشترى القاصعاء باليربوع، يُقَال ذلك للذى يدع العين ويتبع الأثر ويختار ما لا ينبغى له.

ويقَالَ: روغى جعار وانظري أين المفر، يضرب مثلا للذى يهرب ولا يقدر أن يفلت صاحبه.

ويقَالَ: كلب اعتس خير من كلب ربض، يُقَال ذلك إذا طلب رجل الخير وقعد آخر فلم يطلب.

وقَالَ يعقوب بن السكيت: يُقَال: قطب يقطب قطوبا وهو قاطب، إذا جمع ما بين عينيه، واسم ذلك الموضع المقطب، ومنه قيل: الناس قاطبة، أى الناس جميع، ويقَالَ: قطب شرابه إذا مزجه فجمع بين الماء والشراب.

ويقَالَ: عبس يعبس عبوسا، وبسر يبسر بسورا.

ويقَالَ: رجل أبسل وباسل، أى كريه المنظر، ويقَالَ: تبسل فِي عينيه، أى كرهت مرآته، قَالَ أَبُو ذؤيب:

فكنت ذنوب البئر لما تبسلت ... وسربلت أكفانى ووسدت ساعدى

قَالَ أَبُو زيد: يُقَال: دهيت الرجل أدهاه دهيا، أي عبته واغتبته ونقصته.

ويقَالَ: نجهت الرجل أنجهه نجها، وجبهته أجبهه جبهاً، والاسم الجبيهة والنجه، والمعنى واحد، وهو استقبالك الرجل بما يكره، وهو ردك الرجل عَنْ حاجة طلبكها، وأنشد:

حييت عنا أيها الوجه ... ولغيرك البغضاء والنجه

<<  <  ج: ص:  >  >>