للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: لا أقاتل بالرمح وحده فأشغل كفي به دون غيره من السلاح، ولكني أقاتل به وبغيره، وإذا زال اللّبد عَنْ متن الفرس لم أزل معه وثبتّ، يصف نفسه بالفروسية

وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الله بن خلف، عَنْ موسى بن صالح، عَنْ معاوية بن صدقة الجحدريّ، قَالَ: كان رجل من مجاشع يُقَال له: سعد بن مطرّف، يهوى ابنة عمّ له يُقَال لها: سعاد، فكان يأتيها ويتحدث إليها ولا يعلمها بما هو عليه من حبّها، حتى سلّ جسمه ونحل بدنه، فبينا هو ذات يوم معها جالس إذ نظر إليها وأنشأ يقول:

وما عرضت لي نظرة مذ عرفتها ... فأنظر إلا مثلت حيث أنظر

أغار عَلَى طرفي لها فكأنني ... إذا رام طرفي غيرها لست أبصر

وأحذر أن تصغي إذا بحت بالهوى ... فأكتمها جهدي هواي وأستر

فلّما سمعت ذلك منه ساءها وكرهت أن ينشر خبرهما، فأقصته وأظهرت هجره، فكتب إليها:

متّ شوقاً وكدت أهلك وجداّ ... حين أبدى الحبيب هجراً وصدّا

بأبي من إذا دنوت إليه ... زادني القرب منه نأياً وبعدا

لا وحبّيه لا وحقّ هواه ... ما تناسيته ولا خنت عهدا

حاش لله أن أكون خلّيا ... من هواه وقد تقطّعت وجدا

كيف لا كيف عَنْ هواه سلوّى ... وهو شمس الضحى إذا ما تبدّى

فكانت تحب مواصلته، وتشفق من الفضيحة فتظهر هجره وتبعده، فلم يزل عليل البدن والقلب

وأنشدنا أَبُو بَكْرٍِ الأنباري، قَالَ: أنشدني أبي:

ألمّت وهل إلمامها لك نافع ... وزارت خيالاً والعيون هواجع

بنفسي من تنأى ويدنو خيالها ... ويبذل عنها طيفها ويمانع

خليليّ أبلاني هوى متمنع ... له شيمة تأبى وأخرى تطاوع

وإن شفاء النفس لو تعلمينه ... حبيب موات أو شباب مراجع

وأنشدنا أَبُو بَكْرِ بن دريد للمجنون:

وإني لأستغشي وما بي نعسة ... لعلّ خيالاً منك يلقى خياليا

<<  <  ج: ص:  >  >>