قائل لي ما يضنيك قلت له ... شخص تري عينيه عيني فيضنيني
إن القلوب لتطوى منك يا بن أخي ... إذا رأتك عَلَى مثل السكاكين
وقرأنا عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد لرجل يصف جملاً:
تبين القرنين فانظر ما هما ... أحجر أم مدراً تراهما
إنك لن تزل أو تغشاهما ... وتبرك الليل إِلَى ذراهما
القرنان: اللذان يبنيان عَلَى البئر يعرض عليهما الخشب، فالبعير ينفر منه أول ما يراه ثم يذل حتى يجيء فيبرك عنده من الأنس به.
وذرهما: كنفهما.
وأنشدني بعض أصحابنا لعلي بن العباس الرومي وأهدى قدحاً إِلَى يحيى بن المنجم:
وبديعٍ من البدائع يسبى ... كل عقل ويطبى كل طرف
دق فِي الحسن والملاحة حتى ... ما يوفيه واصفٌ حق وصف
كفم الحب فِي الملاحة أو أشفي ... وإن كان لا يناغى بحرف
تنفذ العين فيه حتى تراها ... أخطأته من رقة المستشف
كهواء بلا هباء مشوبٍ ... بضياء أرقق بذلك وأصف
وسط القدر لم يكبر لجرعٍ ... متوالٍ ولم يصغر لرشف
لا عجول عَلَى العقول جهول ... بل حليم عنهم فِي غير ضعف
ما رأى الناظرون قداً وشكلاً ... فارساً مثله عَلَى بطن عكف
فيه لوزٌ معقربٌ عطفته ... حكماء الغيوب أحسن عطف
مثل عطف الأصداغ فِي وجناتٍ ... من غزالٍ يزهى بحسنٍ وظرف
وقرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد للمقنع الكندي:
يعاتبني فِي الدين قومي وإنما ... ديوني فِي أشياء تكسبهم حمدا
ألم ير قومي أوسر مرة ... وأعسر حتى تبلغ العسرة الجهدا