فكتبت إليه:
ليس المحبّ الذي يخشى العقاب ... ولو كانت عقوبته فِي إلفه النار
بل المحب الذي لا شيء يمنعه ... أو تستقر ومن يهوى به الدار
قَالَ: فلما قرأ كتابها عطّل ثغره وانصرف إليها وهو يقول:
أستغفر الله إذ خفت الأمير ولم ... أخش الذي منه غير منتصر
فشأن بشر بلحمي فليعذبه ... أو يعف عفو أمير خير مقتدر
فما أبالي إذا أمسيت راضيةً ... يا هند ما نيل من شعري ومن بشري
ثم قدم البصرة فما أقام إلا يومين حتى وشى به واشٍ إِلَى بشر، فقَالَ: عَلَى به، فأُتى به فقَالَ: يا فاسق، عطّلت ثغرك! هلموا الكرسي، فقَالَ: أعز الله الأمير، إن لي عذراً، فقَالَ: وما عذرك؟ فأنشده الأبيات، فرّق له وكتب إِلَى المهلب فأثبته فِي أصحابه
وأنشدنا أَبُو بَكْرٍِ، رحمه الله، قَالَ: أنشدنا أَبُو حاتم، عَنِ الأصمعي، لتماضر بنت مسعود بن عقبة أخي ذي الرمة، وكان خرج بها زوجها إِلَى القفّين:
نظرت ودوني القفّ ذو النخل هل أرى ... أجارع فِي آل الضحى من ذرى الأمل
فيا لك من شوقٍ وجيع ونظرةٍ ... ثناها عَلَى القفّ خبلاً من الخبل
ألا حبذا ما بين حزوى وشارعٍ ... وأنقاء سلمى من حزونٍ ومن سهل
لعمري لأصوات المكاكي بالضحى ... صوت صباً فِي حائط الرمث بالدحل
وصوت شمالٍ زعزعت بعد هدأةٍ ... ألاءً وأسباطاً وأرطىً من الحبل
أحب إلينا من صياح دجاجةٍ ... وديكٍ وصوت الريح فِي سعف النخل
فيا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بجمهور حزوي حيث رببني أهلي