وأنشدني جماعة من أصحاب أَبِي العباس المبرد، منهم: ابن السراج، وابن درستويه، والأخفش، قَالُوا: أنشدنا أَبُو العباس، قَالَ: أنشدنا بعض البصريين، وأنشدنا أيضاً أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى، عَنِ المظفر:
هَلْ من جوى الفرقة من واقى ... أم هَلْ لداء الحب من راقى
أم من يداوى زفرات الهوى ... إذ جلن فِي مهجة مشتاق
يا كبدا أفنى الهوى جلها ... من بعد تلذيع وإحراق
حتى إذا نفسها ساعةً ... كرت يد البين عَلَى الباقي
البيتان الأولان رواهما أَبُو بَكْرِ بن الأنبارى خاصةً، وشارك أصحاب أَبِي العباس فِي رواية البيتين الأخرين
وأنشدنى أَبُو بَكْرِ بن دريد لأعرابى:
وإنى لأهواها وأهوى لقائها ... كما يشتهى الصادى الشراب المبردا
علاقة حب لج فِي زمن الصبا ... فأبلي الصادي وما يزداد إلا تجددا
وأنشدني أَبُو بَكْر دريد لنفسه:
بنا لا بك الوصب المؤلم ... ونفسك من صرفه تسلم
لئن نال جسمك نهك الضنى ... لقد ضنى السودد الأعظم
فحاشاك من سقمٍ عارضٍ ... ولكن أكبادنا تسقم
فأنت السماء التى ظلها ... إذا زال أعقبه الصيلم
وأنت الصباح الذى نوره ... به ينجلي الحادث المظلم
وأنت الغمام الَّذِي سيبه ... ينأل الثراء بِهِ المعدم
يخاطب عنك لسان العلا ... إذا ذكر المفضل المنعم
فمن نال من كرمٍ رتبةً ... فِيومك من دهره أكرم
إذا ما تخطاك صرف الردى ... فركن المكارم لا بهدم
فبالله أقسم رب الورى ... ولله غاية ما يقسم
لو أن السماء حمت قطرها ... لكنت حيا سيبه مثجم