وإنّي لأستغني فما أبطر الغنى ... وأعرض ميسوري لمن يبتغي عرضي
وأعسر أحياناً فتشتدّ عسرتي ... فأدرك ميسور الغنى ومعي عرضي
وما نالني حتّى تجلّت فأسفرت ... أخو ثقةٍ فيها بقرضٍ ولا فرض
ولكنه سيب الإله وحرفتي ... وشدّى حيازيم المطيّة بالغرض
لأكرم نفسي أن أرى متخشّعاً ... لذي مّنة يعطي القليل عَلَى النّحض
قد امضيت هذا فِي وصيّة عبدلٍ ... ومثل الذي أوصى به والدي أمضى
أكفّ الأذى عَنْ أسرتي وأذوده ... عَلَى أنني أجرى المقارض بالقرض
وأبذل معروفي وتصفو خليقتي ... إذا كدّرت أخلاق كلّ فتىً محض
وأقضي عَلَى نفسي إذا ألحقّ نابني ... وفي الناس من يقضي عليه ولا يقضى
وأمضى همومي بالزّماع لوجهها ... إذا ما الهموم لم يكد بعضها يمضي
وأستنقذ المولى من الأمر بعد ما ... يزلّ كما زلّ البعير عَنِ الدّحض
وأمنحه مالي وودّي ونصرتي ... وإن كان محنّى الضلوع عَلَى بغضي
ويغمره سيبي ولو شئت ناله ... فوارع تبرى العظم من كلمٍ مضّ
ولست بذي وجهين فيمن عرفته ... ولا البخل فاعلم من سمائي ولا أرضي
قَالَ: فلما سمع الحجاج هذا البيت: ولست بذي وجهين فيمن عرفته فضّله عَلَى الشعراء بجائزة ألف درهم فِي كل مرة يعطيهم: الغرض والغرضة والسقيف والبطان والوضين: حزام الرّحل، والنّحض: اللحم ونحضت اللحم عَنِ العظم نحضاً إذا عرقته، والدّحض: الزّلق، والمض: مصدر يمضّه مضاً فأقام المصدر مقام الفاعل، كما قالوا: رجل عدلٌ أي عادل