للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو بَكْرِ سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى النحوى، قَالَ: يُقَال: المحال مأخوذ من قول العرب: محل فلانٌ بفلان إذا سعى به إِلَى السلطان وعرّضه لما يوبقه ويهلكه، قَالَ أَبُو بَكْرٍِ ومن ذلك قولهم فِي الدعاء: لا تجعل القرآن بنا ماحلاً أي لا تجعله شاهداً علينا بالتضييع والتقصير.

ومن ذلك قول النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: القرآن شافع مشفع، وماحل مصدّقٌ، من شفع له القرآن يوم القيامة نجا، ومن محل به القرآن كبّه الله عَلَى وجهه فِي النار وروى عَنِ الأعرج أنه قرأ: {شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: ١٣] ، بفتح الميم، أي شيد الحول، وتفسير ابن عباس يدّل عَلَى فتح الميم، لأنه قَالَ: وهو شديد الحول والمحالة فِي كلام العرب عَلَى أربعة معانٍ: المحالة: الحيلة، والمحالة، البكرة التي تعلّق عَلَى رأس البئر، والمحالة: الفقرة من فقر الظهر، وجمعها محالٌ، والمحالة مصدر قولهم: حلت بين الشيئين، قَالَ أَبُو زيد: ماله حيلةٌ ولا محالة ولا محالٌ ولا محيلةٌ ولا محتالٌ ولا احتيالٌ ولا حولٌ ولا حويلٌ، وأنشد: قد أركب الآلة بعد الآلة وأترك العاجز بالجدالة منعفرا ليست له محاله أي حيلة، والجدالة: الأرض، يُقَال: تركت فلاناً مجدّلاً أي ساقطاً عَلَى الجدالة،

وأنشدنا أَبُو بَكْرٍِ ابن الأنبارى: ما للرجال من القضاء محالةٌ ذهب القضاء بحيلة الأقوم

قَالَ: وحَدَّثَنِي أبي، قَالَ: بعث سليمان المهلبي إِلَى الخليل بن أحمد بمائة ألف درهم وطالبه لصحبته فردّ عليه المائة الألف وكتب إليه:

أبلغ سليمان أني عنه فِي سعةٍ ... وفي غنى غير أني لست ذا مال

شحي بنفسي أني لا أرى أحداً ... يموت هزلاً ولا يبقى عَلَى حال

والرزق عَنْ قدرٍ لا العجز ينقصه ... ولا يزيدك فيه حول محتال

والفقر فِي النفس لا فِي المال تعرفه ... ومثل ذاك الغنى فِي النفس لا المال

والعرب تقول: حولق الرجل إذا قَالَ: لا حول ولا قوة إلا بالله،

أنشدنا محمد بن القاسم:

فداك من الأقوام كل مبخّل ... يحولق إما ساله العرف سائل

<<  <  ج: ص:  >  >>