وترى الفوارس من محافة رمحه ... مثل البغاث خشين وقع الأجدل
ياليت شعري من أبوه وأمّه ... يا صاح من يك مثله لا يجهل
: البُغاث، والبِغاث: والبُغاث أكثر وأشهر، وقَالَ ربيعة:
إن كان ينفعك اليقين فسائلي ... عني الظعينة يوم وادي الأخرم
إذ هي لأوّل من أتاها نهبةٌ ... لولا طعان ربيعة بن مكدّم
إذ قَالَ لي أدنى الفوارس ميتةً ... خل الظعينة طائعاً لا تندم
فصرفت راحلة الظعينة نحوه ... عمداً ليعلم بعض ما لم يعلم
وهتكت بالرّمح الطويل إهابه ... فهوى صريعاً لليدين وللفم
ومنحت آخر بعده جياشةً ... نجلاء فاغرةً كشدق الأضجم
ولقد شفعتهما بآخر ثالثٍ ... وأبى الفرار لي الغداة تكرّمي
ثم لم تلبث بنو كنانة أن أغارت عَلَى بني جشم، فقتلوا وأسروا دريد بن الصمة، فأجفى نفسه، فبينا هو عندهم محبوس إذ جاءه نسوةٌ يتهادين إليه، فصرخت إحداهنّ، فقَالَت: هلكتم وأهلكتم! ماذا جرّ علينا قومنا! هذا والله الذي أعطى ربيعة رمحه يوم الظعينة! ثم ألقت عليه ثوبها، وقَالَت: يال فراسٍ، أنا جارةٌ له منكم، هذا صاحبنا يوم الوادي، فسألوه: من هو؟ فقَالَ: أنا دريد بن الصّمّة، فمن صاحبي؟ قالوا: ربيعة بن مكدم، قَالَ: فما فعل؟ قالوا: قتلته بنو سليم، قَالَ: فما فعلت الظعينة؟ قَالَت المرأة: أنا هيه وأنا امرأته، فحبسه القوم وآمروا أنفسهم، فقَالَ بعضهم: لا ينبغي لدريد أن نكفر نعمته عَلَى صاحبنا، وقَالَ آخرون: والله لا يخرج من أيدينا إلا برضا المخارق الذي أسره، فانبعثت المرأة فِي الليل وهي ريطة بنت جذل الطّعان تقول:
سنجزي دريداً عَنْ ربيعة نعمةً ... وكل امرئ يجزى بما كان قدّما
فإن كان خيراً كان خيراً جزاؤه ... وإن كان شرا كان شرّاً مذمما
سنجزيه نعمى لم تكن بصغيرة ... بإعطائه الرّمح الطويل المقوّما
فقد أدركت كفاه فينا جزاءه ... وأهلٌ بأن يجزي الذي كان أنعما
فلا تكفروه حقّ نعماه فيكم ... ولا تركبوا تلك التي تملأ الفما