فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ} [الأنفال: ١٩] ، ففيه قولان قَالَ قوم: معناه إن تستقضوا فقد جاءكم القضاء، وقَالَ آخرون إن تستنصروا فقد جاءكم النصر، وذلك أن أبا جهل قَالَ يوم بدر: اللهم انصر أفضل الدّينين عندك، وأرضاه لديك، فقَالَ الله عز وجل:{إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}[الأنفال: ١٩] ، ويروى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يستفتح بصعاليك المهاجرين، قَالَ أَبُو عبيدة: معناه يستنصر، والصّعلوك: الفقير فِي كلام العرب، قَالَ حاتم بن عبد الله:
يجمّ عَلَى السّاقين بعد كلاله ... جموم عيون الحسى بعد المخيص
يعني أنه إذا انقطع جريه جاءه جريٌ مستأنف، كما ينقطع ماء الحسى ثم يثوب فيأتي منه ماء آخر، الحسى: صلابة تمسك الماء وعليها رمل فلا تنشّفه الشمس لأن ذلك الرمل يستره ولا تقبله الأرض لصلابتها، فإذا حفر خرج قليلاً، فربما حفر منه بئر قدر قعدة الرجّل
قَالَ: وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍِ محمد بن الحسن بن دريد، قَالَ: حَدَّثَنَا العكلي، عَنِ الحرمازي، قَالَ: بلغني أن مسلمة دخل عَلَى عمر بن عبد العزيز، رحمه الله، وعليه ريطة من رياط مصر، فقَالَ: بكم أخذت هذه يا أبا سعيد؟ فقَالَ: بكذا وكذا، قَالَ: فلو نقصت من ثمنها شيئاً أكان ناقصاً من شرفك؟ قَالَ: لا، قَالَ: فلو زدت فِي ثمنها شيئاً أكان زائداً فِي شرفك؟ قَالَ: لا، قَالَ: فاعلم يا مسلمة أن أفضل الإقتصاد ما كان بعد الحدة، وأفضل العفو ما كان بعد القدرة، وأفضل اللّين ما كان بعد الولاية