قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، وَأَبْغَضَكُمْ إِلَيَّ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الثَّرْثَارُونَ الْمُتَشَدِّقُونَ الْمُتَفَيْهِقُونَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَدْ عَرَفْنَا الثَّرْثَارِينَ وَالْمُتَشَدِّقِينَ، فَمَنِ الْمُتَفَيْهِقُونَ؟ قَالَ:«الْمُتَكَبِّرُونَ» قَالَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ اللغويون، منهم يعقوب بن السكّيت، الثرثارون: الذين يكثرون القول ولا يكون إلا قولاً باطلاً، ويقَالَ: نهر ثرثار إذا كان ماؤه مصوّتاً، ومطرٌ ثرثار، وسحابٌ ثرثار، وأنشد يعقوب:
لشخبها فِي الصحن للأعشار ... بربرةٌ كصخب المماري
من قادمٍ منهمرٍ ثرثار
وكان أَبُو بَكْرِ بن دريد يقول: نهر ثرثار إذا كان ماؤه كثيرا، ولذلك سمي النهر المعروف بالثرثار.
وناقة ثرّة إذا كانت غزيرة اللبن، وسحابة ثرّة، كثيرة المطر، وعين ثرّة: كثيرة الدموع، وأنشدني:
يا من لعين ثرة المدامع ... يحفشها الوجد بماء هامع
يحفشها: يستخرج كلّ ما فيها، ومثل قول أَبِي بَكْرٍ، قاله أَبُو العباس محمد بن يزيد.
حَدَّثَنِي بذلك عبد الله بن جعفر النحوي، وأنشدنا أَبُو العباس، لعنترة بن شداد:
جادت عليها كلّ عينٍ ثرّة ... فتركن كلّ قرارةٍ كالدرهم
وقَالَ أَبُو بَكْرٍِ، يُقَال: ثررت الشيء وثرثرته إذا فرقته وبددته، ومنه قيل: ناقة ثرور، وهي مثل الفتوح وهي الواسعة الأحاليل، وقد فتحت وأفتحت لأن الواسعة الأحاليل يخرج شخبها متفرقاً منتشراً، وقَالَ غير يعقوب: المتفيهق الذي يتّسع شدقه وفوه بالكلام الباطل، وأصله من الفهق وهو الامتلاء، قَالَ الأعشى:
تروح عَلَى آل المحلّق جفنةٌ ... كجابية الشيخ العراقي تفهق
وكان أَبُو محرز خلفٌ يروي: كجابية السيح، ويقول: الشيخ تصحيف، والسيح: الماء الذي يسيح عَلَى وجه الأرض أي يذهب ويجري، والجابية: الحوض الذي يجبي فيه الماء أي يجمع وجمعها جواب، قَالَ الله عز وجل:{وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ}[سبأ: ١٣] .