قرأت عَلَى أَبِي بَكْرِ بن دريد، من خط إسحاق بن إبراهيم، لأعرابي:
أمر مجنبا عَنْ بيت ليلى ... ولم ألمم به وبي الغليل
أمر مجننا وهواى فيه ... فطرفى عنه منكسر كليل
وقلبى فيه مقتتل فهل لى ... إلى قلبى وساكنه سبيل
أؤمل أن أعل بشرب ليلى ... ولم أنهل فكيف لى العليل
وأنشدنا الأخفش لأبى عَلَى البصير:
غناؤك عندى يميت الطرب ... وضربك بالعود يحيى الكرب
ولم أر قبلك من قينةٍ ... تغنى فأحسبها تنتحب
ولا شاهد الناس إنسيةً ... سواك لها بدن من خشب
ووجه رقيب عَلَى نفسه ... ينفر عنه عيون الريب
فكيف تصدين عَنْ عاشق ... يودك لو كان كلباً كلب
ولو مازج النار فِي حرها ... حديثك أخمد منها اللهب
وأنشدنا ابن الأنبارى، قَالَ: أنشدنا أَبُو الحسن بن البراء:
فديتك، ليلى مذ مرضت طويل ... ودمعى لما لاقيت فيك همول
أأشرب كأسا أم أسر بلذة ... ويعجبنى ظبى أغن كحيل
وتضحك سنى أو تجف مدامعى ... وأصبوا إِلَى لهوٍ وأنت عليل
ثكلت إذا نفسى وقامت قيامتى ... وغالت حياتى عند ذلك غول
قَالَ أبو على: ومن أحسن ما سمعت فِي القسم قول الأشتر النخعى، رحمه الله:
بقيت وفرى وانحرفت عَنِ العلا ... ولقيت أضيافى بوجه عبوس
إن لم أشن عَلَى ابن هند غارةً ... لم تخل يوماً من نهاب نفوس
خيلاً كأمثال السعالى شرباً ... تعدو ببيضٍ فِي الكريهة شوس
حمى الحديد عليهم فكأنه ... لمعان برق أو شعاع شموس