للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوسطى (١) التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الحذف، رمى من بطن الوادي (٢) .

ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر (٣) وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة (٤) فجعلت في قدر، فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها.

ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت (٥) فصلى بمكة الظهر.

فأتى بني عبد الملك يسقون على زمزم، فقال: " انزعوا (٦) بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم (٧) لنزعت معكم ".

فناولوه دلوا فشرب منه.

قال العلماء: واعلم أن هذا حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد، ونفائس من مهمات القواعد، قال القاضي عياض: قد تكلم الناس على ما فيه من الفقه.

وأكثروا، وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءا كبيرا أخرج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعا.

قال: ولو تقصى لزيد على هذا العدد قريب منه.

قالوا: وفيه دلالة على أن غسل الاحرام سنة للنفساء والحائض ولغيرهما (١) قوله " ثم سلك الطريق الوسطى " فيه دليل على أن سلوك هذا الطريق في الرجوع من عرفات سنة.

وهو غير الطريق الذي ذهب به إلى عرفات.

وكان قد ذهب إلى عرفات من طريق " ضب " ليخالف الطريق كما كان يعمل في الخروج إلى العيدين في مخالفته طريق الذهاب والاياب.


(٢) قوله: " رمى من بطن الوادي " أي بحيث تكون " منى " و " عرفات " و " المزدلفة " عن يمينه و " مكة " عن يساره.
(٣) قوله: " فنحر ثلاثا وستين الخ " فيه دليل على استحباب تكثير الهدي وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تلك السنة مائة بدنة و " غبر " أي بقي.
(٤) البضعة: أي القطعة من اللحم.
(٥) " فأفاض إلى البيت " أي طاف بالبيت طواف الافاضة، ثم صلى الظهر.
(٦) " انزعوا " أي استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء (الحبال) .
(٧) " فلولا أن يغلبكم الناس على الخ. معناه لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>