للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُعْتَرِضُ قَدْ سَاعَدَ عَلَى وُجُودِ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَكَانَتِ الْمَوَانِعُ الَّتِي يُوَافِقُ الْمُسْتَدِلُّ عَلَيْهَا مُنْتَفِيَةً وَالشُّرُوطُ مُتَحَقِّقَةً (١) .

فَإِذَا أَبْطَلَ كَوْنَ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ مَانِعًا، فَيَلْزَمُ مِنْهُ الْحُكْمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ ظَاهِرًا.

وَأَمَّا قِيَاسُ الدَّلَالَةِ وَالْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ، فَيَرِدُ عَلَيْهِمَا كُلُّ مَا كَانَ وَارِدًا عَلَى قِيَاسِ الْعِلَّةِ سِوَى الْأَسْئِلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِمُنَاسَبَةِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ، فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَيْهِمَا.

أَمَّا قِيَاسُ الدَّلَالَةِ؛ فَلِأَنَّ الْوَصْفَ الْجَامِعَ فِيهِ لَيْسَ بِعِلَّةٍ، وَأَمَّا الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ؛ فَلِعَدَمِ ذِكْرِ الْجَامِعِ فِيهِ.

وَالْأَسْئِلَةُ الْوَارِدَةُ عَلَى نَفْسِ الْوَصْفِ الْجَامِعِ لَا تَرِدُ عَلَى الْقِيَاسِ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ لِعَدَمِ ذِكْرِ الْجَامِعِ فِيهِ (٢) .

وَيَخْتَصُّ قِيَاسُ الدَّلَالَةِ بِسُؤَالٍ آخَرَ، وَهُوَ عِنْدَ مَا إِذَا كَانَ الْجَامِعُ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ أَحَدَ مُوجِبَيِ الْأَصْلِ، كَمَا إِذَا قَالَ الْقَائِلُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَيْدِي بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ: أَحَدُ مُوجِبَيِ الْأَصْلِ، فَالطَّرَفُ الْمَعْصُومُ يُسَاوِي النَّفْسَ، فِيهِ دَلِيلُهُ الْمُوجِبُ الثَّانِي، وَقَرَّرَهُ بِأَنَّ الدِّيَةَ أَحَدُ الْمُوَجِبَيْنِ فِي الْأَصْلِ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْفَرْعِ عَلَى الْكُلِّ، وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ أَحَدِ الْمُوجِبَيْنِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ الْمُوجِبِ الْآخَرِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمُوجِبَيْنِ فِي الْأَصْلِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً أَوْ مُتَعَدِّدَةً.

فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ أَحَدِ مُوجِبَيْهَا فِي الْفَرْعِ وَجُودُهَا فِيهِ، وَمِنْ وُجُودِهَا فِيهِ وُجُودُ الْمُوجِبِ الْآخَرِ وَهُوَ الْقِصَاصُ عَلَى الْكُلِّ.

وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً، فَتَلَازُمُ الْحُكْمَيْنِ فِي الْأَصْلِ دَلِيلُ تَلَازُمِ الْعِلَّتَيْنِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ عِلَّتِهِ الَّتِي وُجِدَ بِهَا فِي الْأَصْلِ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ عِلَّتِهِ وُجُودُ عِلَّةِ الْحُكْمِ الْآخَرِ.

وَالسُّؤَالُ الْوَارِدُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ أَحَدِ حُكْمَيِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ وُجُودُ الْحُكْمِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ اتَّحَدَتْ عِلَّتُهُمَا فِي الْأَصْلِ أَوْ تَعَدَّدَتْ.


(١) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: أَوَّلُ الْبَابِ الْخَامِسِ فِي الِاعْتِرَاضَاتِ الْوَارِدَةِ عَلَى الْقِيَاسِ أَمَّا الِاعْتِرَاضَاتُ الْوَارِدَةُ عَلَى قِيَاسِ الْعِلَّةِ فَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ.
(٢) لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْفَارِقِ الْمُؤَثِّرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>