للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَالِحٌ أَنْ يَعُودَ إِلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجُمَلِ، وَلَيْسَ الْبَعْضُ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ فَوَجَبَ الْعَوْدُ إِلَى الْجَمِيعِ كَالْعَامِّ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَوْنُهُ صَالِحًا لِلْعَوْدِ إِلَى الْجَمِيعِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِذَلِكَ، وَلِهَذَا فَإِنَّ اللَّفْظَ إِذَا كَانَ حَقِيقَةً فِي شَيْءٍ وَمَجَازًا فِي شَيْءٍ فَهُوَ صَالِحٌ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ، وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ.

وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْإِلْحَاقِ بِالْعُمُومِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عُلِمَ مِرَارًا.

الْحُجَّةُ الْخَامِسَةُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ إِلَّا سِتَّةً، فَإِنَّهُ يَصِحُّ.

وَلَوْ كَانَ مُخْتَصًّا بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ لَمَا صَحَّ؛ لِكَوْنِهِ مُسْتَغْرِقًا لَهَا.

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ (عَلَى رَأْيٍ لَنَا) .

وَإِنْ سَلَّمْنَا، فَإِنَّمَا عَادَ إِلَى الْجَمِيعِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِعْمَالِ لَفْظِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِثْنَاءُ السِّتَّةِ مِنَ الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ؛ لِكَوْنِهِ مُسْتَغْرِقًا لَهَا، وَهُوَ صَالِحٌ لِلْعَوْدِ إِلَى الْجَمِيعِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ، وَمَعَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ فَلَا نِزَاعَ، وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا إِذَا وَرَدَ الِاسْتِثْنَاءُ مُقَارِنًا لِلْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ يُوجِبُ عَوْدَهُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ.

الْحُجَّةُ السَّادِسَةُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ الْقَائِلُ: بَنُو تَمِيمٍ وَرَبِيعَةُ أَكْرِمُوهُمْ إِلَّا الطُّوَالَ، فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَعُودُ إِلَى الْجَمِيعِ، فَكَذَلِكَ إِذَا تَقَدَّمَ الْأَمْرُ بِالْإِكْرَامِ ضَرُورَةَ اتِّحَادِ الْمَعْنَى.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ يَرْجِعُ إِلَى الْقِيَاسِ فِي اللُّغَةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا عُلِمَ كَيْفَ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؟ ؛ لِأَنَّهُ إِذَا تَأَخَّرَ الْأَمْرُ عَنِ الْجُمَلِ فَقَدِ اقْتَرَنَ بِاسْمِ الْجَمِيعِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَكْرِمُوهُمْ بِخِلَافِ الْأَمْرِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِاسْمِ الْفَرِيقَيْنِ، بَلْ بِاسْمِ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ.

الْحُجَّةُ السَّابِعَةُ: أَنَّهُ إِذَا قَالَ الْقَائِلُ: اضْرِبُوا بَنِي تَمِيمٍ وَبَنِي رَبِيعَةَ إِلَّا مَنْ دَخَلَ الدَّارَ فَمَعْنَاهُ مَنْ دَخَلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَيْسَ تَقْدِيرُ هَذَا الْمَعْنَى أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِ: إِلَّا مَنْ دَخَلَ مِنْ رَبِيعَةَ.

وَأَمَّا حُجَجُ الْقَائِلِينَ بِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَمِنْ جِهَةِ النَّصِّ وَالْمَعْقُولِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>