للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِ أَيْضًا الْقِيَاسُ الْبَاطِلُ، وَلِهَذَا وَصَفَهُمْ بِكَوْنِهِمْ جُهَّالًا.

وَعَلَى ذَلِكَ يَجِبُ حَمْلُ قَوْلِ عَائِشَةَ فِي حَقِّ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَمَسْرُوقٍ وَابْنِ سِيرِينَ، جَمْعًا بَيْنَ النَّقْلَيْنِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.

قَوْلُهُمْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ السُّكُوتَ يَدُلُّ عَلَى الْمُوَافَقَةِ.

قُلْنَا: دَلِيلُهُ مَا سَبَقَ فِي مَسَائِلِ الْإِجْمَاعِ.

قَوْلُهُمْ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ حُجَّةٌ قَدْ دَلَّلْنَا عَلَيْهِ فِي مَسَائِلِ الْإِجْمَاعِ أَيْضًا، وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْفَوَادِحِ فِي الصَّحَابَةِ فَمِنْ أَقْوَالِ الْمُبْتَدِعَةِ الزَّائِغِينَ كَالنَّظَّامِ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنَ الرَّافِضَةِ الضُّلَّالِ، وَقَدْ أَبْطَلْنَا ذَلِكَ كُلَّهُ فِي كِتَابِ (أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ) فِي الْمَوَاضِعِ اللَّائِقَةِ بِذَلِكَ (١) .

قَوْلُهُمْ: إِنَّهُ حُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ، قُلْنَا: وَالْمَسْأَلَةُ أَيْضًا عِنْدَنَا ظَنِّيَّةٌ.

قَوْلُهُمْ: مَا الْمَانِعُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُمْ بِالْأَقْيِسَةِ الْمَنْصُوصِ عَلَى عِلَلِهَا؟

عَنْهُ أَجْوِبَةٌ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ ثَمَّ نَصٌّ لَنُقِلَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَحْكَامِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا كَانَتِ الْعِلَّةُ مَنْصُوصَةً، فَإِنْ لَمْ يَرِدِ التَّعَبُّدُ بِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ بِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ النَّصِّ، فَيَمْتَنِعُ إِثْبَاتُهُ لِمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَإِنْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِذَلِكَ فَالْحُكْمُ يَكُونُ فِي الْفَرْعِ ثَابِتًا بِالِاسْتِدْلَالِ، أَيْ بِعِلَّةٍ مَنْصُوصَةٍ لَا بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا يَأْتِي تَقْرِيرُهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا يَكُونُونَ عَامِلِينَ بِالْقِيَاسِ.

الثَّالِثُ: أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْقِيَاسَ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَى النَّظَّامِ وَالْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ.

قَوْلُهُمْ: لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَاسُ حُجَّةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيْرِ الصَّحَابَةِ.

قُلْنَا: الْقَائِلُ قَائِلَانِ: قَائِلٌ يَقُولُ بِالْقِيَاسِ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُلِّ، وَقَائِلٌ بِنَفْيِهِ مُطْلَقًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكُلِّ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفَرِيقَانِ عَلَى نَفْيِ التَّفْصِيلِ (٢) ، كَيْفَ وَإِنَّهُ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ قَالَ بِنَفْيِهِ مُطْلَقًا.


(١) أَهَمُّ الْمَرَاجِعِ فِي دَفْعِ التُّهَمِ الَّتِي وَجَّهَهَا الرَّافِضَةُ إِلَى الصَّحَابَةِ كِتَابُ مِنْهَاجِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ لِابْنِ تَيْمِيَّةَ.
(٢) انْظُرِ الْمَسْأَلَةَ التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجْمَاعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>