للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السين - فأنكر عليه. فقال: أردت بالسنة النعاس، وكل ذلك تستراً وتمويهاً. ولا يزداد الناس فيه إلا اعتقاداً، وكان يقول: يأتوني فيقولون: سلكنا وغزلهم معرقل، وكان يقول: لو جاءني صادق لطبخته في يومين، وكان في بداءته يثور به الغرام، وتسري فيه المحبة والشوق حتى يفيض على رأسه الماء من إناء كبير، فلا يصل إلى سرته من شدة الحرارة الكائنة في بدنه، وكان ينفرد الأيام والليالي في البراري والصحاري حتى فجأته العناية، ووافته الهداية، وجاءته الفيوض العرفانية، والمواهب الربانية، وكان لا يتكلم في رمضان إلا بإشارة خوفاً من النطق بما لا يعني، وكان لا يقبل هدايا الأمراء، ولا يشير إلى مسلم بيده اليسرى وكان إذا جاءته رسالة من إخوانه لا يأخذها إلا متوضئاً. وقال مرة لبعض أصحابه: تقدم فامش أمامي، ثم أخبره عن سبب ذلك أنه كان معه كتاب فيه بسم الله الرحمن الرحيم، ففعل ذلك تعظيماً لاسم الله تعالى، وكان مبتلي بأمراض وعلل خطيرة حتى عمت سائر جسده، وربما طرحته

في الفراش وهو على وظائفه ومجاهداته، وكان يعاقب نفسه إذا اشتهت شيئاً بإحضار الشهوة، ومنعها إياها أياماً، وكان يعتقد ابن العربي اعتقاداً زائداً، ويؤول كلامه تأويلاً حسناً، وبعث إليه سيدي علي بن ميمون مرة يستأذنه في الزيارة، فبعث إليه يقول: إن مشكاح الأسواق لا يزار، ثم سافر ابن حبيب إلى دمشق، وكان سيدي علي بالبترون، فحضر إلى دمشق، ونزل بمكانه بالصالحية، وكان ابن حبيب نازلاً عند الشيخ عبد النبي المالكي بدمشق، ولم يجتمعا بالأشباح في هذه المرة، ولما بلغه أن سيدي علي يذكره في مجلس التربية بين الفقراء أنشدها ضمناً لنفسه: الفراش وهو على وظائفه ومجاهداته، وكان يعاقب نفسه إذا اشتهت شيئاً بإحضار الشهوة، ومنعها إياها أياماً، وكان يعتقد ابن العربي اعتقاداً زائداً، ويؤول كلامه تأويلاً حسناً، وبعث إليه سيدي علي بن ميمون مرة يستأذنه في الزيارة، فبعث إليه يقول: إن مشكاح الأسواق لا يزار، ثم سافر ابن حبيب إلى دمشق، وكان سيدي علي بالبترون، فحضر إلى دمشق، ونزل بمكانه بالصالحية، وكان ابن حبيب نازلاً عند الشيخ عبد النبي المالكي بدمشق، ولم يجتمعا بالأشباح في هذه المرة، ولما بلغه أن سيدي علي يذكره في مجلس التربية بين الفقراء أنشدها ضمناً لنفسه:

ولقد سما الكلب الحقير إلى السهى ... لما تلفظت الأسود بذكره

وكان له شعر ضمنه من دقائق المعاني السنية، ما يشهد لأهل الأذواق أنه كان من أهل الهمم العلية، والأسرار الربانية، وإن كان في بعض تراكيبه ما لا يسلمه علماء العربية من التائية التي ذيل بها على أبيات الشافعي - رضي الله تعالى عنه - الذي أولها:

لما عفوت، ولم أحقد على أحد ... أرحت نفسي من حمل المشقات

وقد تلقاها الناس بالقبول، وجرت أبياتها على الألسنة، وانقادت لمعانيها العقول، حتى شرحها الشيخ العالم العارف بالله تعالى سيدي علوان الحموي - رضي الله تعالى عنه - شرحاً حافلاً، وحل ألفاظها حلاً باستقصاء مراداتها كافلاً، واعتذر عن بعض ما وقع فيها من مخالفة الوزن أو ركاكة التركيب، وأتى فيها بكل معنى لطيف وغريب، وقد اتفق لناظمها - رضي الله تعالى عنه - واقعة رأى فيها روحانية النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقظان، وعرضها فيها عليه، وأصلح له

<<  <  ج: ص:  >  >>