قلت: أنا أستحيي عن ابن الحنبلي في مقابلة الشيخ أبي الفتح المالكي، بمثل هذا الشعر وأبو الفتح يومئذ حائز قصبات السبق في الشعر الذي بلغ ببلاغته فيه النهايات، وزاحم فيه مثل، أبي تمام، والبحتري، والمتنبي، وأبي العلاء، وابن قلاقس، وأبن نباتة وغيرهم طبقة بعد طبقة، كيف؟ وقد أورد له ابن الحنبلي الأبيات الآتية، فسبحان من قسم الأذواق كما قسم الأرزاق. قال ابن الحنبلي: ثم قدم حلب سنة إحدى وستين، والمقام الشريف السلطاني بها، فتولى تدريس دار الحديث الأشرفية بدمشق، وعيب عليه ذلك لكونها شرط الواقف للشافعية قال: وهكذا عيب عليه ما انطوى عليه من شرب الخمر فما دونه، وتسليط الحشيشة على عقله والاختلاط بمنهي الغلمان جهراً من غير مبالاة بذلك نسأل الله تعالى العافية، وأورد له في مليح اسمه محمد بن حسام:
كم باسم والده على عشاقه ... يسطو فيا حزناه من أحداقه
ظبي ظبى ألحاظه قد جردت ... للفتك بالشاكين حول وطاقه
رشأ كحيل الطرف معسول اللما ... عذب المراشف آخذ بعناقه
يفتر. عن نظم الثريا ثغره ... وينوء بالجوزاء تحت نطاقه
إلى أن قال:
قسماً بصبح جبينه لو زار في ... جنح الدجى وسعى إلى مشتاقه
لفرشت خذي في الطريق مقبلاً ... بفم الجفون مواطن استطراقه
ووهبت ما ملكت يدي لمبشري ... بلقاء حضرة منعم بوفاقه
وللشيخ أبي الفتح مؤرخاً عمارة الحمام الذي بناه مصطفى باشا تحت قلعة دمشق:
لما كملت عمارة الحمام ... وأزداد به حسن دمشق الشام
قالت طرباً وأرخت منشدة ... حمامك أصل راحة الأجسام
وله موالياً موجهاً بأسماء الكواكب السبعة: لك صدغ عقرب على مريخ خدك دب وقوس حاجبك دايم مشتريه الصب وكم أسد شمس حسنك يا قمر قد حب والعاذل الثور في زهرة جمالك سب