الشيخ، فأكرمه نائب حلب وعفا عنه، واستمر قاسم يسقي الماء، ويلازم زي الفقراء حتى صار رجلاً مذكوراً، وستأتي ترجمته في الطبقة الثانية، وحج الشيخ أبو العون في سنة سبع وتسعين وثمانمائة، فدخل القدس الشريف من جلجوليا في يوم السبت سابع عشر شوال، وتوجه من القدس إلى زيارة الخليل عليه السلام قاصداً مكة المشرفة بعد الظهر يوم الاثنين تاسع عشر الشهر المذكور، فقضى مناسكه، وزار النبي صلى الله عليه وسلم، وعاد إلى محل وطنه ذكر ذلك صاحب الأنس الجليل فيه.
وممن أخذ عن الشيخ أبي العون شيخنا الشيخ حسن الصلتي مقرئ دمشق، ومن طريقه تحصل لنا طريقة الصحبة المتصلة بالشيخ أبي العون مع العلو الزائد - رضي الله تعالى عنهما - ولسيدي الشيخ أبي العون - رضي الله تعالى عنه - شعر قوي متين يشتمل على حماسة العارفين، فمنه ما قرأته بخط الشيخ أبي البقا البقاعي خطيب الأموي بدمشق أنه من كلام الشيخ أبي العون رضي الله تعالى عنه:
يا حاضراً في ضمير القلب ما غابا ... لولاك ما لذ لي عيش ولاطابا
آثار فعلك كانت أصل معرفتي ... ويجعل الله للتوفيق أسبابا
ومن كلامه أيضاً رضي الله تعالى عنه:
حياكم الله وأحياكم ... ولا عدمنا قط رؤياكم
ولا حضرنا مجلساً بعدكم ... محسناً إلا ذكرناكم
وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه:
أقول وقد نوديت سيما، وقيل لي ... فإنك في حفظ، وإنك في حرز
أنا قادري الوقت صاحب عصره ... لوائي لواء الفتح والنصر والعز
فهذا زماني ليس فيه مشارك ... أزمة أعلام الطريقة في حوزي
مريدي إذا ما ضقت شرقاً ومغرباً ... فناد بأعلى الصوت غوثك يا غزي
تجدني بأمر الله للوقت ناصراً ... هنيئاً مريدي بالسعادة والفوز
وقال أيضاً رضي الله تعالى عنه:
تعالوا إلينا لا ملال ولا بعد ... ولا صد عن أبوابنا لا ولا طرد
تعالوا وقد صححتم عقد ودكم ... فمن صح منه العقد صح له الود
إذا جئتم لا تنزلوا غير عندنا ... ومن غيرنا حتى يكون له عند