للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعظم استظراف السلطان لهذه المقاصد، وأثنى عليه. ثم وصل فقال:

الدين أصلحه وعمّ صلاحه الدنيا ... وأصبح ناصرا ومظفّرا

فكأن كنيته غدت موضوعه ... من ربّه والوصف منه مقرّرا

وكأنما الأسماء قد عرضت على ... علياه قبل وجوده متخيّرا

فقال السلطان: كيف ترون؟ واستعاده. فقال عون الدين العجمي عميد المجلس وكاتب الإنشاء: استنباطه ما سمع الملوك بمثله يا خوند. ثم أنشد:

من آل أيوب الذين هم هم ... ورثوا الندى والبأس أكبر أكبرا

أهل الرياسة والسياسة والعلا ... بسيوفهم حلّوا الذّرى منحوا الذّرا «١»

سمّ العداة على حياء فيهم «٢» ... لا تعجبوا فكذاك «٣» آساد الشّرى

كادوا يقيلون العداة من الرّدى ... لو لم يمدّوا كالحجاب العثيرا

جعلوا خواتم سمرهم من قلب كل ... ل معاند عدّ «٤» المثقّف خنصرا

وببيضهم قد توّجوا أعداءهم ... حتى لقد حلّوا لكيما تشكرا

لو لم يخافوا تيه سار «٥» نحوهم ... وهبوا الكواكب والصّباح المسفرا

وهي طويلة. ثم استجلسه السلطان، وسأله عن بلاده ومقصده «٦» بالرحلة، فأخبره أنه جمع كتابا في الحلى البلادية والحلى العبادية المختصّة بالمشرق، وأخبره أنه سمّاه «المشرق في حلى المشرق» . وجمع مثله فسمّاه «المغرب في حلى المغرب» . فقال: نعينك بما عندنا من الخزائن، ونوصلك إلى ما لا»

عندنا، مثل خزائن الموصل وبغداد، وتضيف «٨» لنا المغرب. فخدم على عادتهم، وقال: أمر مولاي بذلك إنعام وتأنيس، ثم قال له السلطان مداعبا: إن شعراءنا ملقّبون بأسماء الطيور، وقد اخترت لك لقبا يليق بحسن صوتك وإيرادك للشعر، فإن كنت ترضى به، وإلّا لم يعلمه «٩» غيرنا، وهو البلبل، فقال: قد رضي المملوك بذلك يا خوند.