للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويستنبأ ما تطرف عنه العين وتختلج الجوارح، استقراء «١» لمرامكم، واستطلاعا لطالع اعتزامكم، واستكشافا لمرامي «٢» سهامكم، لا سيما مع إقامتكم على جناح خفوق، وظهوركم في ملتمع بروق، واضطراب الظّنون فيكم مع الغروب والشروق؛ حتى تستقرّ بكم الدّار «٣» ، ويلقي عصاه التّسيار؛ وله العذر في ذلك إذ صدعها بفراقكم لم يندمل «٤» ، وسرورها بلقائكم لم يكتمل؛ فلم يبر «٥» بعد جناحها المهيض «٦» ، ولا جمّ ماؤها المغيض، ولا تميّزت من داجيها لياليها البيض؛ ولا استوى نهارها، ولا تألقت أنوارها «٧» ، ولا اشتملت نعماؤها، ولا نسيت غمّاؤها؛ بل هي كالنّاقه «٨» ، والحديث العهد بالمكاره، تستشعر «٩» نفس العافية، وتتمسّح «١٠» منكم باليد الشافية؛ فبحنانكم «١١» عليها، وعظيم «١٢» حرمتكم على من لديها، لا تشربوا لها عذب المجاج بالأجاج، وتقنطوها «١٣» مما عوّدت من طيب المزاج، فما لدائها، وحياة قربكم غير طبّكم من علاج. وإني ليخطر بخاطري محبة فيكم، وعناية بما يعنيكم، ما نال جانبكم صانه الله بهذا الوطن من الجفاء، ثم أذكر ما نالكم من حسن العهد وكرم الوفاء، وأنّ الوطن إحدى المواطن الأظآر التي يحقّ لهنّ جميل الاحتفاء، وما يتعلّق بكم من حرمة أولياء القرابة وأولي «١٤» الصّفاء، فيغلب على ظني أنكم لحسن العهد أجنح، وبحقّ نفسكم على أوليائكم أسمح، والتي «١٥» هي أعظم قيمة في «١٦» فضائلكم أوهب وأمنح «١٧» ؛ وهب أنّ الدّرّ لا يحتاج في الإثباب إلى شهادة النّحور واللبّات، والياقوت غني المكان، عن مظاهرة القلائد والتّيجان؛ أليس أنّه أعلى للعيان، وأبعد عن مكابرة البرهان، تألقها في تاج الملك أنوشروان؟ والشمس «١٨» وإن