كانت أمّ الأنوار وجلا الأبصار، مهما أغمى مكانها من الأفق قيل: أليل «١» هو أم نهار؟ وكما في علمكم ما فارق ذوو الأحلام «٢» ، وأولو الأرحام، مواطن استقرارهم، وأماكن قرارهم، إلّا برغمهم واضطرارهم، واستبدال دار هي «٣» خير من دارهم، ومتى توازن الأندلس بالمغرب، أو يعوّض عنها إلّا بمكة أو يثرب؟ ما تحت أديمها أشلاء أولياء وعبّاد، وما فوقه مرابط جهاد، ومعاقد ألوية في سبيل الله، ومضارب أوتاد؛ ثم يبوّئ «٤» ولده مبوّأ أجداده، ويجمع له بين طرافه «٥» وتلاده؛ أعيذ أنظاركم المسدّدة من رأي فائل «٦» ، وسعي طويل لم يحل منه بطائل، فحسبكم من هذا الإياب السعيد، والعود الحميد، وهي طويلة.
فأجبته عنها بقولي «٧» : [السريع]
لم في الهوى العذريّ أو لا تلم ... فالعذل لا يدخل أسماعي
شأنك تعنيفي وشأني الهوى ... كلّ امرئ في شأنه ساعي
«أهلا بتحفة القادم، وريحانة المنادم، وذكرى «٨» الهوى المتقادم، لا يصغّر «٩» الله مسراك! فما أسراك، لقد جلبت «١٠» إليّ من همومي ليلا، وجبت «١١» خيلا ورجلا، ووفّيت من صاع الوفاء كيلا، وظننت بي الأسف على ما فات، فأعملت الالتفات، لكيلا «١٢» ، فأقسم لو أنّ الأمر «١٣» اليوم بيدي، أو كانت اللّمّة السوداء من عددي، ما أفلتّ أشراكي المنصوبة لأمثالك «١٤» ، حول المياه